قتالى لما ولّيت عنها ، ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها. وسأجهد فى أن أطهّر الأرض من هذا الشّخص المعكوس ، والجسم المركوس (١) حتّى تخرج المدرة من بين حبّ الحصيد (٢)
[ومن هذا الكتاب ، وهو آخره] : إليك عنّى يا دنيا فحبلك على غاربك (٣) ، قد انسللت من مخالبك ، وأفلتّ من حبائلك ، واجتنبت الذّهاب فى مداحضك. أين القوم الّذين غررتهم بمداعبك (٤) أين الأمم الّذين فتنتهم بزخارفك؟ ها هم رهائن القبور ، ومضامين اللّحود! واللّه لو كنت شخصا مرئيّا ، وقالبا حسّيّا ، لأقمت عليك حدود اللّه فى عباد غررتهم بالأمانى و [أمم] ألقيتهم فى المهاوى ، وملوك أسلمتهم إلى التّلف
__________________
يكون «٦ ـ ن ـ ج ـ ٣» فى حاله ، كما كان شديد البأس وإن كان خشن المعيشة.
(١) جهد ـ كمنع ـ : جد : والمركوس : من الركس ، وهو رد الشىء مقلوبا وقلب آخره على أوله ، والمراد مقلوب الفكر.
(٢) المدرة ـ بالتحريك ـ : قطعة الطين اليابس ، وحب الحصيد : حب النبات المحصود كالقمح ونحوه ، أى : حتى يطهر المؤمنين من المخالفين.
(٣) إليك عنى : اذهبى عنى ، والغارب : الكاهل وما بين السنام والعنق. والجملة تمثيل لتسريحها تذهب حيث شاءت. وانسل من مخالبها : لم يعلق به شىء من شهواتها ، والحبائل : جمع حبالة ، وهى شبكة الصياد ، وأفلت منها : خلص ، والمداحض : المساقط.
(٤) والمداعب : جمع مدعبة ، من الدعابة ، وهى المزاح ، والتاءات والكافات كلها بالكسر خطابا للدنيا.