وأن ينصر اللّه سبحانه بقلبه ويده ولسانه ، فإنّه ، جلّ اسمه ، قد تكفّل بنصر من نصره ، وإعزاز من أعزّه.
وأمره أن يكسر نفسه من الشّهوات ويزعها عند الجمحات (١) ، فإنّ النّفس أمّارة بالسّوء ، إلاّ ما رحم اللّه.
ثمّ اعلم ، يا مالك أنّى قد وجّهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور ، وأنّ النّاس ينظرون من أمورك فى مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك ، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم ، وإنّما يستدلّ على الصّالحين بما يجرى اللّه لهم على ألسن عباده ، فليكن أحبّ الذّخائر إليك ذخيرة العمل للصّالح ، فاملك هواك وشحّ بنفسك عمّا لا يحلّ لك (٢) فإنّ الشّحّ بالنّفس الإنصاف منها فيما أحبّت أو كرهت. وأشعر قلبك الرّحمة للرّعيّة ، والمحبّة لهم ، واللّطف بهم ، ولا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك فى الدّين ، أو نظير لك فى الخلق ، يفرط منهم
__________________
(١) و «يزعها» أى : يكفها عن مطامعها إذا جمحت عليه فلم تنقد لقائد العقل الصحيح والشرع الصريح.
(٢) شح : ابخل بنفسك عن الوقوع فى غير الحل ، فليس الحرص على النفس إيفاءها كل ما تحب ، بل من الحرص عليها أن تحمل على ما تكره إن كان ذلك فى الحق فرب محبوب يعقب هلاكا ، ومكروه تحمد عاقبته