.................................................................................................
______________________________________________________
عبارة عن القدرة على الزاد والراحلة والتمكن من التصرف فيهما ، ولا ريب في صدق الاستطاعة بذلك وإن لم يكن ما يحج به ملكاً له.
وربّما يناقش في صدق الاستطاعة بأنها بالنظر إلى الروايات (١) المفسرة لها ليست مجرد التمكن من التصرف وإباحته ، فإن مقتضى قوله (عليه السلام) «له زاد وراحلة» هو اعتبار الملك لظهور اللام في ذلك فلا يكفي مجرد الإباحة ، وأما الاكتفاء بالبذل فقد ثبت بدليل خاص. وأما ما في صحيح الحلبي : «إذا قدر الرّجل على ما يحجّ به» (٢) وفي صحيح معاوية : «إذا هو يجد ما يحج به» (٣) مما ظاهره الأعم من الملك فاللازم تقييده بالملك لحمل المطلق على المقيد. وفيه : أن المطلق إنما يحمل على المقيد إذا وردا في متعلقات الأحكام كقولنا : أعتق رقبة وأعتق رقبة مؤمنة ، لا في موضوعاتها لعدم التنافي كنجاسة الخمر والمسكر.
وبعبارة اخرى : إنما يحمل المطلق على المقيد لأجل التنافي بينهما ولذا يحمل المطلق على المقيد في المثال الأوّل بعد إحراز وحدة المطلوب لحصول التنافي بينهما حينئذ وهذا بخلاف المثال الثاني لعدم التنافي بين الحكم بنجاستهما أو حرمتهما معاً ، والمقام من قبيل الثاني ، فإن قوله : «له زاد وراحلة» وإن كان ظاهراً في الملكية إلّا أنه لا ينافي ثبوت الاستطاعة في غير مورد الملك أيضاً كموارد الإباحة وجواز التصرف ، فلا موجب لحمل المطلق المستفاد من صحيح الحلبي وصحيح معاوية على المقيد كقوله : «له زاد وراحلة» مما ظاهره الملك.
وأما قياس الإباحة المالكية بالإباحة الشرعية كالأنفال والمباحات الأصلية في عدم تحقق الاستطاعة بذلك ففي غير محله ، لعدم صدق الاستطاعة بمجرد الإباحة الشرعية وجواز التصرّف ، ومن الواضح عدم صدق الاستطاعة وعدم كونه واجداً للزاد والراحلة بمجرّد إباحة الأسماك في البحر والأنفال له ، وإنما يصدق أنه واجد
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٣٣ / أبواب وجوب الحجّ ب ٨.
(٢) الوسائل ١١ : ٢٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٦ ح ٣.
(٣) الوسائل ١١ : ٢٥ / أبواب وجوب الحجّ ب ٦ ح ١.