.................................................................................................
______________________________________________________
وذكر الشيخ في الاستبصار أن صحيح معاوية الدال على الصحة وأنها حجّة تامة لا ينافي صحيح الفضل الدال على الوجوب إذا أيسر واستطاع ، لأنّ صحيح معاوية أخبر أن ما حجّه بالبذل صحيح ويستحق بفعلها الثواب وهذا مما لا كلام ولا خلاف فيه ، بل ذكر (قدس سره) أن الوجوب إذا أيسر مطابق للأُصول الصحيحة التي تدل عليها الدلائل والأخبار (١) وفي التهذيب (٢) عكس الأمر فإنه ذكر صحيح معاوية بن عمار (٣) الذي هو صريح في الإجزاء ثمّ ذكر صحيح الفضل وقال (قدس سره) : إنه محمول على الاستحباب.
ولا ريب أن ما ذكره في الاستبصار ضعيف ، لأن الحكم المستفاد من صحيح معاوية إن كان مقتصراً على الصحة فلا ينافي وجوب الحجّ ثانياً ، ولكن المستفاد منه صريحاً الإجزاء عن حجّة الإسلام لقوله : «هل يجزئ ذلك عنه عن حجّة الإسلام أم هي ناقصة؟ قال : بل هي حجّة تامة» ولو كان واجباً ثانياً لكان واجباً بوجوب آخر ، وهذا مما لا يمكن الالتزام به ، لأنّ حجّ الإسلام في العمر مرّة واحدة كما صرح بذلك في صحيح هشام بن سالم : «وكلفهم حجّة واحدة وهم يطيقون أكثر من ذلك» (٤) ، فما ذكره في التهذيب من حمل صحيح البقباق على الندب هو الصحيح. ويؤيده أو يؤكده التصريح في بعض الروايات بعدم الوجوب مرة ثانية كصحيح جميل ابن دراج : «في رجل ليس له مال حجّ عن رجل أو أحجّه غيره ثمّ أصاب مالاً ، هل عليه الحجّ فقال : يجزئ عنهما جميعاً» (٥) ، ويحتمل عود الضمير في قوله «عنهما» إلى ما أتى به من الحجّ وإلى ما لم يأت به ، بمعنى أن ما حجّة يجزئ ويكون صحيحاً ويجزئ أيضاً عن الحجّ إذا استطاع وأيسر ، أي لا يجب عليه الحجّ ثانياً إذا أيسر ، ويحتمل
__________________
(١) الاستبصار ٢ : ١٤٣ / ٤٦٨.
(٢) التهذيب ٥ : ٧ / ١٧.
(٣) الوسائل ١١ : ٤٠ / أبواب وجوب الحجّ ب ١٠ ح ٢.
(٤) الوسائل ١١ : ١٩ / أبواب وجوب الحجّ ب ٣ ح ١.
(٥) الوسائل ١١ : ٥٧ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢١ ح ٦.