.................................................................................................
______________________________________________________
أقول : الحكم بعدم جواز الرجوع عن الاذن لم يثبت في المقيس عليه لعدم ثبوت حرمة قطع الصلاة ، ولو سلمنا حرمة القطع فلا تشمل المقام ، لأنّ الدليل على وجوب إتمام الصلاة وحرمة قطعها ليس إلّا الإجماع المدعى ، والقدر المتيقن منه غير المقام ، بل إذا رجع المالك عن إذنه فليس للمصلي الإتمام لأنه يستلزم الغصب.
وأمّا عدم جواز الرجوع عن البذل بعد الإحرام ففيه :
أوّلاً : أن عدم جواز الرجوع يتوقف على الالتزام بوجوب الإتمام حتى بعد رجوع الباذل ، ويمكن المناقشة في ذلك بأن الاستطاعة شرط للحج حدوثاً وبقاء ، وإذا لم يستمر الباذل في بذله يكشف عن عدم استطاعته من أوّل الأمر ، نظير ما إذا سرق ماله في الطريق فإن الحجّ مشروط بالاستطاعة حدوثاً وبقاء ، وإذا زالت الاستطاعة بقاء بسرقة أمواله وفقدانها أو برجوع الباذل عن بذله ارتفع وجوب الحجّ ، وإذا لم يكن واجباً لا يجب عليه الإتمام ، والمفروض أنه لم يأت به ندباً حتى يتمه ، وإنما دخل في الإحرام بعنوان أنه مستطيع وأنه حجّ الإسلام الواجب عليه ، ثمّ ينكشف أنه لم يكن واجباً ولم يكن بحج الإسلام فله أن يرفع يده ويذهب إلى بلاده ، وإتمامه بعنوان آخر يحتاج إلى دليل.
وبعبارة اخرى : إنما يجب الإتمام فيما إذا أتى به من أوّل الأمر بعنوان المستحب وأمّا إذا أتى به بعنوان الوجوب ثمّ انكشف عدمه فلا دليل على وجوب الإتمام.
وثانياً : لو فرضنا وجوب الإتمام على المبذول له ، إلّا أنّ ذلك لا يوجب استمرار البذل على الباذل ، والمفروض أن المال ماله ولم يصدر منه ما يوجب خروجه عن ملكه فيجوز له التصرّف في ماله متى شاء. نعم ، إذا قلنا بوجوب الإتمام على المبذول له يكون الباذل ضامناً ، لأنّ الباذل أذن له في الإحرام والإذن في الشروع إذن في الإتمام قهراً ، لأنّ الاذن في الشيء إذن في لوازمه ، وكل عمل يقع بأمر الغير يقع مضموناً عليه ، وثبوت الضمان عليه لا ينافي جواز رجوعه عن البذل واسترداد المال الموجود ، غاية الأمر يضمن له مصاريفه ، لقيام السيرة على ضمان العمل الذي صدر بأمر الآمر.