.................................................................................................
______________________________________________________
والعصيان نظير القصر والتمام بالنسبة إلى السفر والحضر ، فلو كنّا نحن والأدلّة الأوّلية لوجوب الحجّ على المستطيع لقلنا بعدم وجوبه وعدم الاستقرار عليه لزوال الاستطاعة على الفرض ، فإن هذه الأدلّة إنما تتكفل الوجوب ما دامت الاستطاعة باقية ، فإذا انتفت وزالت لا مورد لوجوب الحجّ لزوال موضوعه ، وإنما نقول بالاستقرار في مورد التسويف والإهمال للروايات الخاصّة الذامّة للتسويف ، وأنّ من سوّف الحجّ وتركه عمداً فقد ضيع شريعة من شرائع الإسلام ومات يهوديّاً أو نصرانيّاً (١) ، وإذن فيجب عليه الحجّ ولو متسكِّعاً حتى لا يموت يهوديّاً أو نصرانيّاً.
وهذه الروايات لا تشمل المقام لعدم صدق التسويف على المعتقد بالخلاف وأنه صغير لا يجب عليه الحجّ ، لأن الظاهر من التسويف هو ترك الحجّ مع اعتقاد وجوبه عليه وتحقق العصيان منه بترك الحجّ ، ومن يترك الحجّ لاعتقاد كونه صبياً وغير مكلف به لا يصدق عليه عنوان التسويف والإهمال والعصيان ، هذا أوّلاً.
وثانياً : فإنّا قد ذكرنا في المباحث الأُصولية (٢) أن الأحكام وإن كانت تشمل الجاهل ولكن لا تشمل المعتقد بالخلاف ، لأنه غير قابل لتوجه الخطاب إليه فهو غير مأمور بالحكم واقعاً ، فلا يكون وجوب في البين حتى يستقر عليه ، ففي زمان الاعتقاد بالخلاف وأنه صغير أو عبد لا يحكم عليه بالوجوب لعدم قابليته للتكليف بالحج ، وفي زمان انكشاف الخلاف والعلم بالبلوغ أو الحرية لا يكون مستطيعاً على الفرض حتى يجب عليه الحجّ.
وثالثاً : إنما يستقر الحجّ إذا لم يكن الترك عن عذر ، وأما إذا كان الترك مستنداً إلى العذر فلا موجب للاستقرار ، والاعتقاد بالخلاف من أحسن الأعذار ، فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة القادمة يجب الحجّ وإلّا فلا.
المورد الثاني : إذا اعتقد كونه مستطيعاً مالاً وأن ما عنده يكفيه فحج ثمّ بان
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٥ / أبواب وجوب الحجّ ب ٦ ، ٧.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٢٧٠.