.................................................................................................
______________________________________________________
ويترك الحجّ ثمّ ينكشف عدم ثبوت الضرر في الواقع. أما إذا اعتقد الضرر أو الحرج وترك الحجّ فبان الخلاف فالحكم ما تقدم من عدم الاستقرار ، لما عرفت من عدم شمول أخبار التسويف للمعتقد بعدم التكليف لعدم إمكان توجه التكليف إليه ، ويشمله أدلّة العذر.
وأمّا إذا اعتقد عدم الضرر أو عدم الحرج فحج فبان الخلاف ، ذكر في المتن أن الظاهر كفايته وإجزاؤه عن حجّ الإسلام ، ولا يقاس المقام باعتقاد الاستطاعة وانكشاف الخلاف ، والظاهر أنه (قدس سره) يعتمد في ذلك على ما اشتهر بينهم من أن دليل نفي الضرر ينفي الوجوب والإلزام وأما أصل المحبوبية فغير منفي وبذلك يصح الحجّ.
وفيه : ما ذكرناه في الأُصول (١) بما لا مزيد عليه من أن الوجوب والاستحباب ليسا بسنخين من الحكم وليسا مجعولين مستقلين وإنما المجعول أمر واحد ، غاية الأمر أنه إن لم يقترن بالترخيص خارجاً ينتزع منه الوجوب ويحكم العقل بتفريغ الذمّة منه ، وإن اقترن بالترخيص ينتزع منه الاستحباب ، فالحكم المجعول شيء واحد وليس في البين أمران حتى يقال بأن أحدهما يرتفع والآخر يبقى ، بل إذا ارتفع ترتفع المحبوبية برأسها ، فإذا ارتفع المجعول برأسه فلا مجال لبقاء المحبوبية. وبعبارة أوضح : دليل نفي الضرر يرفع المجعول الشرعي الذي هو بسيط غير مركب فلا مجال لدعوى أن المحبوبية باقية وغير مرتفعة.
ولكن الأمر كما ذكر من الإجزاء والكفاية ، وذلك لعدم شمول دليل نفي الضرر للمقام لأنه امتناني ولا امتنان في الحكم بالبطلان بعد العمل. وبالجملة : لا مانع من الحكم بصحة الحجّ وإجزائه إلّا من جهة تحمل الضرر الواقعي ، فإذا فرضنا عدم شمول دليل نفي الضرر للمقام فلا مانع أصلاً من الحكم بالصحة والإجزاء.
نعم ، إذا كان الضرر من الضرر المحرم كالهلاك ونحوه ، فلا نلتزم بالصحّة ، لا لدليل
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٣٢.