حصول المقدّمة التي هو المشي إلى مكّة ومنى وعرفات ، ومن المعلوم أنّ مجرّد هذا لا يوجب حصول الشرط الذي هو عدم الضرر أو عدم الحرج. نعم ، لو كان الحرج أو الضّرر في المشي إلى الميقات فقط ولم يكونا حين الشروع في الأعمال تمّ ما ذكره ولا قائل بعدم الإجزاء في هذه الصورة ، هذا ومع ذلك فالأقوى ما ذكره في الدروس ، لا لما ذكره بل لأنّ الضرر والحرج إذا لم يصلا إلى حد الحرمة إنما يرفعان الوجوب والإلزام لا أصل الطلب (*) فإذا تحملهما وأتى بالمأمور به كفى.
______________________________________________________
ذهب إليه الشهيد من الإجزاء لا لما ذكره ، بل لأن الضرر والحرج إذا لم يصلا إلى حد الحرمة إنما يرفعان الوجوب والإلزام لا أصل الطلب ، فإذا تحملهما وأتى بالمأمور به كفى ، لأن دليل نفي الضرر يرفع الأحكام الوجوبية الضررية وأمّا الأحكام الندبية الضررية فلا يرفعها. وبعبارة أوضح : يجب على هذا الشخص حجّ الإسلام ولكن يرتفع وجوبه بالضرر أو الحرج وأما الاستحباب فلا يرتفع ، فما أتى به إنما هو حجّ الإسلام وإن ارتفع وجوبه بالضرر.
أقول : أما في فرض اقتران المقدمات قبل الميقات بهذه الأُمور بدون اقتران الأعمال من الميقات بها فلا ينبغي الريب في الإجزاء فيها حتى إذا اقترنت المقدّمات بالمحرم من هذه الأُمور ، كالإلقاء في التهلكة ونحو ذلك كما إذا كان سفره محرماً ولكن بعد الوصول إلى الميقات أدى الأعمال على وجه مشروع واجداً للشرائط ، ففي مثله لا موجب لعدم الإجزاء أصلاً وإن كان الحجّ لا يجب عليه من أوّل الأمر ، إذ لا يجب عليه تحمل هذه المقدمات المقترنة بالضرر أو الحرج.
وأمّا لو كانت الأعمال مقترنة بها فما ذكره من الأمثلة فمختلفة وليس جميعها من باب واحد. بيان ذلك : أنه لو كان الطريق غير مأمون أو كان المكلف مريضاً فحاله حال من حجّ ولم يكن له مال وحجّ متسكِّعاً ، لأن المأخوذ في موضوع وجوب الحجّ
__________________
(*) فيه منع ظاهر ، والأقوى عدم الاجزاء.