.................................................................................................
______________________________________________________
وذهب جماعة إلى أن الاستقرار يتحقق ببقاء الاستطاعة إلى زمان يمكن فيه الإحرام ودخول الحرم ، فلو زالت الاستطاعة بعد مضي هذا الزمان يستقر عليه الحجّ.
وفيه : أنه لا نعرف لذلك وجهاً ، فإن العبرة بأعمال الحجّ وأفعاله لا بالإحرام ودخول الحرم ، ولذا لو علم بالموت بعد ذلك لا يجب عليه الخروج بل لا يصح منه الإحرام ، فإنه لو علم بالموت قبل الطواف والسعي وقبل الاشتغال بالأعمال أو قبل أن ينتهي من عمله لا يصحّ منه الإحرام ، فإن الإحرام حينئذ لا ينعقد للعمل الناقص نعم لو مات اتفاقاً بعد الإحرام ودخول الحرم يجزئ عن الحجّ للنص (١) وهذا حكم تعبّدي ثبت في مورده بدليل خاص.
وذهب آخرون إلى أنه يستقر عليه الحجّ بعد مضي زمان يمكن فيه الإتيان بالأركان جامعاً للشرائط ، وإذا زالت الاستطاعة بعد مضي هذا الزمان يستقرّ عليه الوجوب ويقضى عنه من تركته إذا مات أو يجب عليه متسكِّعاً ، فيكفي بقاؤها إلى مضي جزء من يوم النحر يمكن فيه الطواف وسعيه.
وفيه : أن الشرائط معتبرة في جميع أعمال الحجّ وأفعاله ولا تختص بالأركان ، بل هي معتبرة حتى بعد الانتهاء من الأعمال كتخلية السرب فإنها معتبرة ذهاباً وإياباً ولو علم بعدم تخلية السرب إياباً لا يجب عليه الحجّ من الأوّل ، ولو أغمضنا عن ذلك كان اللّازم بقاء الاستطاعة إلى ما قبل طواف النساء ، يعني يعتبر في الاستقرار بقاء الاستطاعة إلى مضي زمان من يوم النحر يمكن فيه طواف الحجّ وسعيه ولا عبرة بطواف النساء ، لأنه ليس من أعمال الحجّ وإنما هو عمل مستقل في نفسه يجب الإتيان به ولو تركه عمداً لا يفسد حجّه.
فلا وجه لما ذكره المشهور من أن الاستقرار يتحقق بمضي زمان يمكن فيه الإتيان بجميع أفعال الحجّ حتى مثل طواف النساء والمبيت في منى مستجمعاً للشرائط وهو إلى اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة لما عرفت من عدم العبرة باعتبار بقاء
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٦٨ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٦.