.................................................................................................
______________________________________________________
على المعترف أن يخرج الحجّ مما أخذه من التركة ، وعليه أن يتعهد بجميع مصارف الحجّ ، وله مطالبة الآخر من بقية حصته من التركة كما تقدم في الدّين ، وأما بناء على ما ذكره من إخراجه من حصته بالنسبة بعد التوزيع فالخارج من إرثه نصف مصارف الحجّ ، وحينئذ لا يتصور فيه الوفاء للحج حتى يقال بأنه إن لم يفِ ذلك بالحج لا يجب عليه التتميم ، لأنّ المعترَف به في الحقيقة إنما هو نصف مصارف الحجّ وهو غير واف للحج دائماً فلا مجال لقوله : «وإن لم يفِ لا يجب عليه تتميمه» ، وليس الحجّ كالدين في إمكان التبعيض وإخراجه بالمقدار الممكن ، لأنه واجب ارتباطي بخلاف الدّين فإنه غير ارتباطي يجري فيه التبعيض.
وبالجملة : لو اعترف أحد الورثة بالحج وأنكره الآخرون فلا موضوع للحج لعدم إمكان إتيانه بالنصف المعترَف به وعدم جريان التبعيض فيه ، فإن لم يعط الآخرون من حصّتهم النصف الآخر يسقط وجوبه بالمرّة.
فيقع الكلام حينئذ في المقدار الثابت في حصته فهل يجوز له التصرّف فيه لأنه يرجع إلى كونه إرثاً ، لأنّ المانع هو الحجّ والمفروض سقوطه ، أو أنه يجب عليه صرفه في جهات الميت الأقرب فالأقرب؟ الظاهر هو الثاني ، لأنّ المقدار المعترَف به لم ينتقل إلى الوارث من أوّل الأمر وإنما هو باق على ملك الميت ، وكذلك المقدار الذي أخذه المنكر باق على ملك الميت ، فمجموع المالين ملك للميت يملك مقداراً من هذا ومقداراً من ذاك ، غاية الأمر الوارث الآخر جاحد أو جاهل معذور لعدم اعترافه باشتغال ذمّة الميت ، وكيف كان لا يجوز للوارث المعترف التصرف في هذا المقدار من المال لبقائه على ملك الميت وحيث إنه لا يفي للحج فلا بدّ من صرفه في جهات الميت الأقرب فالأقرب.
هذا تمام الكلام في الإقرار بالدين والحجّ وقد عرفت أنهما يخرجان من تمام حصة المعترف إذا كانت وافية ويكون الباقي من التركة بعد أداء الدّين والحجّ مشتركاً بين الورثة ، ويجوز للمعترف الأخذ من المنكر على موازين القضاء من إقامة الدعوى عليه ، وأما بالنسبة إلى الغاصب فيقتص منه.