فوراً ، وكونه صحيحاً على تقدير المخالفة لا ينفع في صحّة الإجارة خصوصاً على القول بأن الأمر بالشيء نهي عن ضدّه ، لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه وإن كانت الحرمة تبعية ، فإن قلت : ما الفرق بين المقام وبين المخالفة للشرط في ضمن العقد مع قولكم بالصحّة هناك كما إذا باعه عبداً وشرط عليه أن يعتقه فباعه ، حيث تقولون بصحّة البيع ويكون للبائع خيار تخلف الشرط. قلت : الفرق أن في ذلك المقام المعاملة على تقدير صحتها مفوتة لوجوب العمل بالشرط ، فلا يكون العتق واجباً بعد البيع لعدم كونه مملوكاً له ، بخلاف المقام حيث إنّا لو قلنا بصحّة الإجارة لا يسقط وجوب الحجّ عن نفسه فوراً فيلزم اجتماع أمرين متنافيين فعلاً فلا يمكن أن تكون الإجارة صحيحة وإن قلنا إن النهي التبعي لا يوجب البطلان فالبطلان من جهة عدم القدرة على العمل لا لأجل النهي عن الإجارة. نعم ، لو لم يكن متمكناً من الحجّ عن نفسه يجوز له أن يؤجر نفسه للحجّ عن غيره. وإن تمكن بعد الإجارة عن الحجّ (*) عن نفسه لا تبطل إجارته بل لا يبعد صحّتها لو لم يعلم باستطاعته أو لم يعلم بفوريّة الحجّ (**) عن نفسه فآجر نفسه للنيابة ولم يتذكر إلى أن فات محل استدراك الحجّ عن نفسه كما بعد الفراغ أو في أثناء الأعمال. ثمّ لا إشكال في أن حجّه عن الغير لا يكفيه عن نفسه بل إمّا باطل كما عن المشهور أو صحيح عمّن نوى عنه كما قوّيناه ، وكذا لو حجّ تطوّعاً لا يجزئه عن حجّة الإسلام (***) في الصورة المفروضة بل إمّا باطل أو صحيح ويبقى عليه
__________________
فلا يشمله وجوب الوفاء بالعقد ، وأما القدرة على التسليم في فرض العصيان فهي إنما يترتب عليها التكليف لا الوضع ، فإن المنشأ إنما هو التمليك على الإطلاق لا التمليك على تقدير المعصية ، ولو فرض أن المنشأ هو التمليك على تقدير العصيان كان العقد أيضاً باطلاً من جهة التعليق.
(*) هذا إذا كان التمكن متوقفاً على صحّة الإجارة ، وأما لو لم يكن كذلك كما لو حصل له المال من جهة أُخرى بعد الإجارة فيكشف ذلك عن بطلانها.
(**) فيما إذا كان معذوراً.
(***) الأظهر إجزاؤه عن حجّة الإسلام في الصورة المفروضة.