.................................................................................................
______________________________________________________
وذكر أيضاً وجهاً آخر تبعاً لصاحب الجواهر (١) لدلالة النص على مجرد جواز حلهم لليمين ، وحاصله : أنه لا بدّ من تقدير كلمة الموجود أو المنع والمعارضة في هذه الجملات : لا يمين للولد مع والده ولا يمين لمملوك مع مولاه كما هو الحال في نظائرها كقولنا : لا إله إلّا الله ، ولا رجل في الدار ، فقد ذكروا أن المقدر في تلك الجمل كلمة الموجود ، وقولنا : لا إله إلّا الله تقديره لا إله موجود إلّا الله ، وقولنا : لا رجل تقديره لا رجل موجود في الدار ، وأما في هذه الجملات فيمكن تقدير الوجود أو المنع والمعارضة فيدور الأمر بين التقديرين ، فإن قلنا : إن المقدر هو الوجود فمعناه : عدم انعقاد اليمين مع الوالد إلّا بإذنه ، وإن قلنا : بأن المقدر هو المنع والمعارضة فمعناه : لا يمين مع منع المولى ومزاحمته ومعارضته فلا تدل هذه الجملات إلّا على جواز حل اليمين لا اعتبار إذنهم فيه ، وليس تقدير كلمة الوجود أولى من تقدير كلمة المعارضة بل تقديرها أولى لانصراف النص المذكور إلى عدم جواز المزاحمة للوالد والمولى.
فإن ثبت دعوى الظهور في تقدير كلمة المعارضة والانصراف إليها فلا كلام وإلّا تصبح هذه الفقرات مجملة للترديد بين تقدير الموجود أو المعارضة ، فلا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقن وهو عدم الصحّة مع المعارضة والنهي ، نظير دوران الأمر بين التخصيص بالأقل والأكثر فيما إذا كان الخاص مجملاً مردّداً بينهما فإنه يؤخذ بالأقل المتيقن ويرجع في الأكثر إلى العمومات. وبالجملة : لا دليل على تخصيص المطلقات الدالّة على الوفاء باليمين إلّا بالمقدار المتيقن وهو صورة المزاحمة.
ويرده : أن ما ذكره من تقدير الموجود في «لا» النافية للجنس فيه مسامحة واضحة وذلك لأنّ الوجود والعدم إنما يعرضان لنفس الماهية ، والماهية بنفسها قد تكون موجودة وقد تكون بنفسها معدومة من دون أي واسطة في البين ، والماهية بنفسها هي المعروضة عروضاً ذاتياً أوّلياً ، وقولنا : الإنسان موجود والعنقاء معدوم ، معناه أن هذه الماهية بنفسها موجودة وتلك بنفسها معدومة ، ولا يعرض الوجود للموجود
__________________
(١) الجواهر ٣٥ : ٢٦١.