.................................................................................................
______________________________________________________
محض بحيث لا يقبل بقاء شغل الذمة به بعد فوته ، نظير نفقة الأقارب فإنه لو ترك الإنفاق عليهم مع تمكنه لا يصير ديناً عليه ، لأن الواجب سدّ الخَلة وإذا فات لا يتدارك ، فالحج النذري دين إلهي ، ومقتضى القاعدة في الدّين هو القضاء من أصل المال ، وقد أُطلق الدّين على الواجبات الإلهية في الروايات ، وأن دين الله أحق أن يقضى كما في رواية الخثعمية المعروفة (١) ، وانصراف الدّين عن مثل هذه الواجبات محل منع.
ويرد عليه : أن رواية الخثعمية ضعيفة سنداً ودلالة وقد تقدمت في بعض المسائل السابقة (٢) ، وإطلاق الدّين على الواجبات الإلهية ليس على نحو الحقيقة حتى تشمله الآية الكريمة (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) (٣) ، فإن الإطلاق والاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز ، فالخروج من أصل التركة لا يمكن إثباته ، وأما وجوب أصل القضاء فيتوقف على اشتغال الذمة ، والكلام في تحقق الصغرى ، فإن ثبت اشتغال الذمة بذلك بدليل معتبر كما ورد في الصوم والصلاة والحجّ لا بدّ من التفريغ إما بنفسه أو بالاستئجار عنه بعد موته أو بالتبرع عنه.
والحاصل : متى ثبت اشتغال الذمة يجب التفريغ عنه بإتيانه بنفسه أو بالإتيان عنه ولو من الأجنبي ، وأما إذا لم يثبت الاشتغال كما في المقام أعني الواجبات النذرية فلا دليل على وجوب القضاء لعدم ثبوت اشتغال الذمّة على نحو الديون وبعض الواجبات المنصوصة ، وليس القضاء نفس العمل الواجب سابقاً حتى قال بعدم الحاجة إلى أمر جديد بل العمل الواجب سابقاً قد فات وهذا العمل الواقع في خارج الوقت عمل آخر مغاير له حقيقة وإنما هو مشابه له صورة ، ولو كان واجباً لكان بدليل مستقل غير الدليل الأوّل ، فوجوب الحجّ المنذور المقيّد بسنة خاصّة في غير ذلك الزمان يحتاج إلى دليل مستقل آخر ، وكذلك وجوب الصلاة المقيّدة بوقت خاص في غير ذلك الوقت يحتاج إلى الدليل. وبالجملة : إذا خرج الوقت فقد فات الواجب ، فكيف
__________________
(١) المستدرك ٨ : ٢٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ١٨ ح ٣.
(٢) في المسألة ٨٣ ص ٢٩٩.
(٣) النساء ٤ : ١١.