.................................................................................................
______________________________________________________
أقول : أمّا الكفّارة فلا ريب في ثبوتها لتحقق الحنث بالمخالفة ، وأمّا وجوب القضاء فلم يرد أي نص في المقام يدل على وجوبه ، وأمّا الصحيحتان المتقدِّمتان (١) صحيحة ضريس وصحيحة ابن أبي يعفور فموردهما نذر إحجاج الغير من غير تقييد بسنة معيّنة ، ومحل الكلام نذر الإحجاج المقيّد بسنة معيّنة فلا يكون مشمولاً للخبرين فلا بدّ من الرجوع إلى ما تقتضيه القاعدة ، ومقتضاها عدم وجوب القضاء لا عليه ولا بعد موته لأنّ الواجب يفوت بفوات وقته ، ووجوبه في خارج الوقت يحتاج إلى دليل آخر وأمر جديد ، نظير نذر حجّه نفسه المؤقت فإنه لا يجب قضاؤه أيضاً إذا فات وقته ، لأنّ الذي التزم به لا يمكن وقوعه في الخارج لخروج وقته ، وما يمكن وقوعه في الخارج لم يلتزم به ولا دليل على إتيانه ، ثمّ إنه على فرض وجوب القضاء لا دليل على خروجه من أصل المال ، لأنّ الذي يجب خروجه من الأصل الديون ولو كانت ديوناً شرعية ، وأمّا مطلق الواجب المالي فلا دليل على خروجه من الأصل حتى الكفّارات ، فإنّ الواجب في الكفّارات هو إطعام الفقراء أو عتق العبد ، وإذا خالف وترك الإطعام لا يكون مديناً لأحد وإنما ترك واجباً من الواجبات ، فليس حال الكفّارة حال الديون والمظالم والزكاة والخمس ، وهكذا الحجّ فإنه بحكم الدّين وبمنزلته شرعاً للنصوص.
وبالجملة : الإجماع قائم على خروج الدّين من الأصل سواء كان ديناً خَلقياً وإنسانياً كالدين الشخصي والمظالم فإنها أيضاً دين ولا فرق بينها وبين الدّين الشخصي المعيّن ، غاية الأمر أن الدائن غير معلوم في المظالم ، أم كان ديناً إلهياً كالزكاة والخمس ويلحق بهما الحجّ حسب النص ، فموارد الديون المستخرجة من الأصل منحصرة بهذه الأُمور ، وأما غير ذلك من الواجبات فلا يخرج من الأصل وإن كان يحتاج إلى صرف المال.
المورد الثاني : إذا نذر الإحجاج من غير تقييد بسنة معيّنة ، مطلقاً أو معلّقاً على شرط وقد حصل ، وتمكن منه فمات اتفاقاً قبل الوفاء بالنذر ، أمّا الكفّارة فغير ثابتة
__________________
(١) في ص ٣٣٠ ، ٣٣١.