لأنّه واجب مالي أوجبه على نفسه فصار ديناً ، غاية الأمر أنّه ما لم يتمكّن معذور ، والفرق بينه وبين نذر الحجّ بنفسه أنه لا يعدّ ديناً مع عدم التمكّن منه واعتبار المباشرة بخلاف الإحجاج فإنه كنذر بذل المال (*) كما إذا قال : للهِ عليّ أن أعطي الفقراء مائة درهم ومات قبل تمكّنه ، ودعوى كشف عدم التمكّن عن عدم الانعقاد ممنوعة ، ففرق بين إيجاب مال على نفسه أو إيجاب عمل مباشري وإن استلزم صرف المال فإنّه لا يعدّ ديناً عليه بخلاف الأوّل.
______________________________________________________
لعدم حصول الحنث ، وهل يقضى عنه من أصل التركة أم لا؟ المعروف بينهم القضاء عنه من الأصل واختاره المصنف للإجماع على الخروج من الأصل ، وأمّا الصحيحتان المتقدِّمتان الدالّتان على الخروج من الثلث فمعرض عنهما.
وفيه : أن الإجماع لم يتم ، نعم قامت الشهرة على الخروج من الأصل وهي ليست بحجة ، فلو قلنا بمقالة المشهور من سقوط الرواية عن الحجية بالاعراض عنها لا يجب الخروج من الثلث لسقوط الروايتين عن الحجية بالاعراض ، ولا من الأصل لعدم الدليل وعدم تمامية الإجماع ، وإن لم نقل بذلك كما هو الصحيح عندنا فمقتضى الصحيحتين الخروج من الثلث وعدّ ذلك من جملة خيرات الميت ومبرّاته التي تصرف للميت كما هو صريح صحيح ابن أبي يعفور المتقدِّم (١).
المورد الثالث : ما لو نذر الإحجاج مطلقاً أو مقيّداً بسنة معيّنة ولم يتمكن منه من الأوّل حتى مات ، فهل يجب القضاء عنه من أصل المال أم لا؟ وجهان ، اختار المصنف الوجوب بدعوى أن الواجب واجب مالي وهو دين عليه ، بخلاف نذر الحجّ بنفسه فإنه لم يكن واجباً مالياً وديناً عليه لأن متعلقه إتيان عمل من الأعمال ، ولو لم يتمكّن منه لا يجب قضاؤه.
__________________
(١) الظاهر عدم الوجوب فيه أيضاً لأن المال لا يكون ديناً عليه بالنذر.
(٢) في ص ٣٣١.