.................................................................................................
______________________________________________________
أن مات كما إذا كان شيخاً كبيراً أو مريضاً لا يتمكّن من الحجّ مباشرة ولكنه متمكِّن من الإحجاج ففيه وجوه ثلاثة :
الأوّل : انعقاد النذر ، ويتخيّر في القضاء وإن لم يتمكن من أحدهما في حال حياته كما في مسألة الخصال ، فإن الإخراج من تركته على وجه التخيير وإن لم يكن في حال حياته متمكناً إلّا من البعض.
الثاني : أن النذر ينعقد بالنسبة إلى المقدور وأما بالنسبة إلى غيره فلا ، لاعتبار التمكّن في متعلق النذر ، فيختص القضاء بالذي كان متمكناً منه.
الثالث : ما نسب إلى الشهيد (قدس سره) من عدم انعقاد النذر حتى بالنسبة إلى الفرد المقدور ، لأن متعلق النذر هو أحد الفردين على وجه التخيير ومع تعذر أحدهما لا يكون الوجوب تخييرياً ، فما تعلق به النذر غير قابل للصحة لعدم التمكن منه وما هو قابل لذلك لم ينذره (١).
والصحيح هو الوجه الأوّل ، وذلك لأن الوجوب التخييري سواء كان أصلياً ككفّارة الخصال أو كان التزامياً وعرضياً كتعلق النذر بأحد شيئين إنما يتعلق بالجامع بين الأمرين أو الأُمور ، والخصوصيات الفردية غير دخيلة في الواجب ، فالواجب التخييري الشرعي من حيث الخصوصيات كالتخيير العقلي بين الأفراد الطولية أو العرضية فإن هذه الخصوصيات غير دخيلة في الواجب ، والتمكن وعدمه إنما يلاحظان بالنسبة إلى متعلق الوجوب ونفس المأمور به لا بالنسبة إلى الخصوصيات الخارجة عن المأمور به التي لا دخل لها في متعلق التكليف ، والنذر إذا كان متعلقاً بأحد أمرين وبالجامع بينهما يكون الواجب شرعاً هو الجامع لأن الشارع يمضي ما التزم الناذر على نفسه.
والحاصل : أن الوجوب التخييري ما تعلق بالجامع بين الأمرين ، نظير وجوب إعطاء الزكاة لطبيعي الفقير ، وهكذا لو نذر أن يعطي درهماً للفقير ، ففي كلا الموردين
__________________
(١) الدروس ١ : ٣١٨.