.................................................................................................
______________________________________________________
يتعلّق الوجوب بالجامع والمكلف مخير في تطبيق الحكم على أي فرد شاء ، والتطبيق بحكم العقل فالتخيير الشرعي كالعقلي من هذه الجهة سواء كان تخييرياً أصلياً ككفارة الخصال أو تخييرياً جعلياً كموارد النذر ، فإن التخيير العقلي ما تعلق الوجوب بالجامع الذي له عنوان خاص ، والتخيير الشرعي ما كان له جامع انتزاعي وهو عنوان أحدهما ، وإلّا ففي الواقع لا فرق بينهما في إلغاء الخصوصيات في كلا الموردين ولا شبهة في صحّة تعلق الأمر بالعنوان الانتزاعي كعنوان أحدهما ، لأنه مقدور للمكلف وإن كان بعض الأفراد غير مقدور له ، وبالجملة : الجامع الذي تعلّق به الوجوب مقدور له ، والعبرة بالتمكن منه وإن كان بعض أفراده غير مقدور له ، والملتزم به في باب النذر المتعلق بأحد الأمرين هو الجامع لا التخيير حتى يقال بأنّ ما التزم به غير قابل للجعل ، لأن مع تعذر أحدهما لا يكون وجوب الآخر تخييرياً ، وما هو قابل له غير ملتزم به وهو الفرد الممكن خاصة ، بل الذي التزم به هو الجامع وهو مقدور له وإن كان تمكنه في ضمن فرد دون آخر.
وأما ما ذكر من انعقاد النذر بالنسبة إلى المقدور فقط واختصاص القضاء به ، ففيه : ما عرفت من أن القدرة معتبرة في متعلق النذر لا في الأمر الخارج عنه كالخصوصيات ، والمفروض أن متعلق النذر هو الجامع الانتزاعي بينهما وهو مقدور له.
وبما ذكرنا ظهر أنه إذا مات الناذر لا يختص وجوب القضاء بالنسبة إلى ما كان مقدوراً له ، بل لو كان مقدوراً للوارث يأتي به قضاء عن الميت وإن لم يكن مقدوراً للميت ، كما لو نذر الميت أن يعطي درهماً للفقير ولم يكن متمكناً من إعطائه إلى زيد وكان متمكناً من إعطائه إلى عمرو خاصة ومات قبل الإعطاء لا يجب على الوارث أن يعطي الدرهم إلى عمرو بخصوصه ، وذلك لأن الملتزم به إعطاء الدرهم إلى الفقير الجامع بين الأفراد وهو صادق على كل من زيد وعمرو. وبما ذكرنا ظهر أيضاً فساد ما نسب إلى الدروس من بطلان النذر وعدم انعقاده أصلاً ، إذ لا وجه له بعد ما عرفت أن متعلق النذر هو الجامع وهو مقدور له.