لكن لا يجب ولا يجزئه حينئذ عن حجّة الإسلام وإن كان مستطيعاً لأنّه لم يخرج عن كونه مملوكاً ، وإن كان يمكن دعوى الانصراف (١) عن هذه الصورة ، فمن الغريب ما في الجواهر من قوله : (ومن الغريب ما ظنّه بعض النّاس من وجوب حجّة الإسلام عليه في هذا الحال ضرورة منافاته للإجماع المحكي عن المسلمين الذي يشهد له التتبّع على اشتراط الحرّيّة المعلوم عدمها في المبعض ...) إذ لا غرابة فيه بعد إمكان دعوى الانصراف ، مع أن في أوقات نوبته يجري عليه جميع آثار الحرّيّة (٢).
______________________________________________________
يجب عليه الحجّ ثانياً وإن انعتق وصار حرّا وكان مستطيعاً ، أم لا يجزئ؟
ذكر في الجواهر أنّ بعض النّاس ظنّ الإجزاء ، وأن حجّ الإسلام واجب عليه في هذا الحال ، واستغربه بدعوى منافاته للإجماع المحكي عن المسلمين على اشتراط الحرية المعلوم انتفاؤها في المبعّض (٣) واستغرب المصنف من استغراب صاحب الجواهر وقال : لا غرابة فيه ، لإمكان دعوى انصراف ما دلّ على عدم إجزاء حجّ العبد عن هذه الصورة ، وأن دليل المنع مختص بما إذا كان بتمامه عبداً ، وأما المبعض فلا يشمله دليل المنع ، فما ظنّه بعض الناس ليس بغريب.
أقول : الظاهر أن استغراب صاحب الجواهر في محله ، إذ ليس في الأدلة ما يوجب الانصراف ، فإن المستفاد منها وجوب الحجّ على جميع المكلفين غير العبيد ، وقد صُرح في الروايات أنه لا حجّ ولا عمرة على المملوك حتى يعتق ، فما لم يحصل العتق لا حجّ عليه ، إذ الغاية في ثبوت الحجّ عليه العتق.
وبعبارة اخرى : المستفاد من الأدلة أن العبد من حين ولادته وحال كونه عبداً إلى
__________________
(١) هذه الدعوى ممنوعة فإنّ الجزء الحر لا يجب عليه الحجّ ، والعبد لا حجّ عليه حتى ينعتق على ما نطق به النص.
(٢) فيه منع ظاهر.
(٣) الجواهر ١٧ : ٢٤٨.