يشترط في الوجوب القدرة عليه ولا يكفي ما دونه وإن كانت الآية والأخبار مطلقة ، وذلك لحكومة قاعدة نفي العسر والحرج على الإطلاقات ، نعم إذا لم يكن بحد الحرج وجب معه الحجّ ، وعليه يحمل ما في بعض الأخبار : من وجوبه ولو على حمار أجدع مقطوع الذنب.
______________________________________________________
وفيه : أن قياس المقام وتنظيره بالوضوء الصادر من الصبي باطل ، لأن الوضوء هو الطهور وهو حقيقة واحدة غير مختلفة ، وهي حاصلة على الفرض لصحة عبادات الصبي ، فلا وجه لإتيان الوضوء مرة ثانية بعد فرض حصول الطهارة ، وهذا بخلاف الحجّ ، فإن له حقائق مختلفة كما تقدّم ، فإن الحجّ الذي افترضه الله على العباد وجعله مما بني عليه الإسلام ، المسمّى بحجّ الإسلام في الروايات ، مشروط بعدم العسر بمقتضى قاعدة نفي الحرج ، فما يصدر منه حال العسر والحرج ، ليس بحجة الإسلام ، إذ اليسر بمقتضى القاعدة مأخوذ في حجّة الإسلام ، فإذا تحمل الحرج والعسر في أعمال الحجّ ، لم يكن حجّة بحجة الإسلام ، ولا دليل على إجزائه عن حجّة الإسلام فالإجزاء يحتاج إلى الدليل لا عدمه.
وبعبارة اخرى : الحجّ الذي افترضه الله على العباد مرة واحدة في العمر ، وجعله مما بني عليه الإسلام ، مشروط بعدم العسر بمقتضى نفي الحرج ، فإذا أتى بالحج حرجاً ومعسراً ، لم يكن حجّة بحجة الإسلام ، فإن حجّة الإسلام تمتاز من بين أقسامه بأخذ اليسار في موضوعه ، ولا تتصف حجّة الإسلام بالجواز وعدم الوجوب ، فالإجزاء يحتاج إلى الدليل. وممّا يدل على اعتبار اليسار في حجّة الإسلام وعدم وجوبه عند العسر والحرج موثق أبي بصير «من مات وهو صحيح موسر لم يحج فهو ممن قال الله عزّ وجلّ (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) (١) فإن المستفاد منه أنه لو كان معسراً لا يشمله قوله تعالى (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى).
نعم ، وردت روايات أُخر في إتيان الحجّ وإن كان عسراً وحرجياً كصحيحة أبي
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٧ / أبواب وجوب الحجّ ب ٦ ح ٧.