والأقوى كونه مانعاً إلّا مع التأجيل والوثوق بالتمكن من أداء الدّين إذا صرف ما عنده في الحجّ ، وذلك لعدم صدق الاستطاعة (*) في غير هذه الصورة ، وهي المناط في الوجوب لا مجرد كونه مالكاً للمال وجواز التصرف فيه بأي وجه أراد وعدم المطالبة في صورة الحلول أو الرضا بالتأخير لا ينفع في صدق الاستطاعة ، نعم لا يبعد الصدق إذا كان واثقاً بالتمكن من الأداء مع فعلية
______________________________________________________
ويستدلّ لهم بأن الموضوع في وجوب الحجّ هو الموسر ، ومن كان مديوناً ليس بموسر ، وفي الصحيح «من مات وهو صحيح موسر لم يحج فهو ممن قال الله عزّ وجلّ (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى)» (١) وكذا فُسرت الاستطاعة في بعض الأخبار كرواية عبد الرحيم القصير باليسار ، قال (عليه السلام) «ذلك القوّة في المال واليسار ، قال : فإن كانوا موسرين فهم ممن يستطيع؟ قال : نعم» (٢).
وفيه : أن اليسار المأخوذ في موضوع الحجّ مقابل العسر ، ومن يتمكن من أداء دينه بعد الحجّ بسهولة ومن دون مشقة فهو موسر. وبعبارة اخرى : من كان متمكناً من أداء الدّين وترك الحجّ ، فهو ممن ترك الحجّ وهو موسر ، ومجرد اشتغال الذمة بالدين لا يمنع من صدق اليسار.
ومنهم من ذهب كالسيد في المدارك إلى أن المانع عن وجوب الحجّ هو الدّين الحالّ المطالب به ، وأما غير الحال أو غير المطالب به فغير مانع لتحقق الاستطاعة المقتضية
__________________
(*) الاستطاعة قد فسرت في الروايات بالتمكن من الزاد والراحلة ، والمفروض في المقام تحققها فيقع التزاحم بين وجوب الحجّ ووجوب أداء الدّين ، لكن وجوب أداء الدّين أهم فيقدم فيما إذا كان صرف المال في الحجّ منافياً للأداء ولو في المستقبل ، وبذلك يظهر الحال في بقية المسألة.
(١) الوسائل ١١ : ٢٧ / أبواب وجوب الحجّ ب ٦ ح ٧.
(٢) الوسائل ١١ : ٣٧ / أبواب وجوب الحجّ ب ٩ ح ٣.