وأكبر الأعمال فتزايدت الرغبة فيه لذلك كله أنعم عليه بمنصب كتخدا وألبسه الخلعة (١).
القحط في بغداد :
وفي ربيع الثاني من سنة ١٢٠٠ ه لم يقع مطر ولا حصل نبت فتولد القحط فبلغت قيمة وزنة الحنطة سبعة قروش أو ثمانية. ووزنة الشعير خمسة أو ستة. لكن الضعفاء لم يتيسر لهم الشراء فنالهم عناء كبير ومات أكثرهم جوعا. ودام سنتين ونصف السنة. وفي آخرها صار الطاعون وفي هذه الحادثة وزع الوزير على الأهلين مخازن الأطعمة بأقل من السعر المقرر ولم يبق إلا ما يكفي للحاجة. ومع هذا هاجت الناس وماجت في كل أنحاء بغداد في الحلة والحسكة والأطراف الأخرى فحصل ضيق وزاد الخطر. فلا يمضي يوم إلا والغلاء في ازدياد فصار الناس يأكلون الكلأ ويمتصون الدماء ويتناولون ما هو منهي عنه لما نالهم من السغب وأصابهم من الضعف.
شغب من سغب :
وفي هذه المرة هاج لفيف من الناس لما نالهم من سغب فحمل ذلك على البغي والعدوان ، وعدوا هؤلاء القائمين بقية من أولئك المناوئين أيام عبد الله باشا وحسن باشا. والحال أنهم قاموا من جراء الجوع الذي أصابهم وما نالهم من ضجر ، فحملوا علم الشيخ عبد القادر الكيلاني وأشعلوا الفتنة وهجموا بغتة على دار الحكومة وقالوا :
إن عباد الله ماتوا جوعا ، انقذونا بتدبير ناجع عاجل!!
ولما وصلت مقدمة هذا الجمع إلى قرب سراي الكهية خرجت
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ١٩٧.