حوادث سنة ١١٧٧ ه ـ ١٧٦٣ م
قتلة علي باشا :
كان هذا الوزير سخي الطبع ، سليم الاخلاق ، مقبول الخصال ، وهو لبيب عاقل شجاع ومدبر ، كما أنه صاحب انصاف وعدل. في وزارته لم يظهر منه سوء معاملة ، وكل الأهلون راضين عنه ، يلهجون بذكره. إلا أن إرضاء جميع الناس من المحال لا سيما أرباب الاطماع.
سبق أن الكهيات كانوا ستة ما عداه. فلما توفي الوزير سليمان باشا صار يطمح كل واحد منهم في الحصول على الوزارة دون غيره فلما توجهت إلى علي باشا يئسوا فأخفوا حقدهم عليه.
أما الوزير فلم يقصر في ارضائهم إلا أنهم صاروا يكتمون له العداء ويتخذون الوسائل للقضاء عليه حتى أنهم حاولوا اغتياله في (الدورة) إثر عودته من حرب كعب فلم يتمكنوا من تنفيذ خطتهم.
وفي هذه المرة أطمعوا أهل الشغب وأغووا البسطاء وأعدوا أسباب الفتنة فملأوا القلعة الداخلية بأهل الفساد ووجهوا المدافع على دار الحكومة وأوقدوا نار الحرب. ضيقوا على الوزير فأخرجوه طوعا أو كرها. فاتخذ له خياما خارج البلد في جانب الكرخ وصار يراعي الوسائل للخديعة ويعوّل على لطائف الحيل ليجري اللازم وأغرى القاصدين قتله بالأموال وأمالهم نحو جانبه فأظهروا الندم والتمسوا أن يدخل البلد.
أما الوزير فقد عاد ودخل المدينة بعد بضعة أيام وقام بالإدارة مرة أخرى إلا أنه كان ينبغي أن يكون متأنيا فعجل في القضاء على من قام بهذا الأمر من الينگچرية الواحد بعد الآخر. أما الكهيات فقد أحسوا بالخطر فأوقدوا نيران الفتنة من جديد وبادروا بالعصيان. اجتمعوا في محل وتعاهدوا فاختاروا عمر باشا وزيرا على أن لا يتعرض لأموالهم