أحمد باشا والي الموصل :
إن ولاة الموصل من قديم الزمان كانوا تبعا لولاة بغداد يجتنبون ما يخالف رغباتهم. أما والي الموصل أحمد باشا فإنه لم يكن كأسلافه. لم يبال بما يوافق رغبتهم ، أو يخالفها فجابه الوزير بمخالفات عديدة ولم يخل من معارضة ...
ولو أغمض الوزير عينه عنه لأدى إلى إخلال في أمور كثيرة وتشوش في النظام. فلم يسعه التساهل للمصلحة التي كان يراها فقدم عرضا بذلك إلى الدولة وبين لها حقيقة الأمر. فالشكاوى من ولاة بغداد مسموعة وبالأخص على ولاة الموصل.
فأجابت الدولة ملتمسه وعزلت والي الموصل على أن يذهب إلى حلب ويقيم في المحل المسمى (شيخ بكر) وصدر الفرمان بذلك ، وتوجهت إيالة الموصل إلى حسن بك بن حسين باشا الجليلي وأرسلت الفرامين بواسطة والي بغداد فأرسلها مع (درويش محمد آغا) الكتخدا السابق إلى حسن باشا ، فامتثل أحمد باشا الأمر وتوجه نحو حلب إلا أنه أثناء الطريق وعند وصوله إلى المحل المعروف بالموصل القديمة أمال عنان فرسه وجاء إلى بغداد فدخل على الوزير إذ لم ير ملجأ للعفو إلا من طريقه. وحينئذ قام الوزير بما يقتضي من ضيافته وإكرامه ، وأنه صمم أن يكتب إلى استنبول في أمره. وإثر وصول الفرمان إلى حسن باشا جلس على سرير الحكم ولكنه مرض بضعة أيام فتوفي.
ولما ورد خبر ذلك إلى بغداد استشفع الوزير لأحمد باشا وبعد تردد واشتباه قبلت الدولة شفاعته ومنحته ولاية الموصل وورد منشور إيالته وذهب مكرما إلى الموصل وهذا هو الذي يأمله الوزير من سلطة على الموصل وولاتها (١) ...
__________________
(١) تاريخ شاني زاده ج ٢ ص ٣٩٦ ودوحة الوزراء ص ٢٩٤.