قال : والزَّمارة : البَغِيُّ الحَسْناء ، وإنما كان الزِّنا مع المِلاح لا مع القِباح. قال : وأنشَدَنا ابن الأعرابيّ :
دَنّان حَنّانانِ بينهما |
صَوْتٌ أَجَشُّ غِناؤُه زَمِرُ |
أي : غناؤُه حَسَن.
ومنه قيل للمرأة المغنية : زمّارة ؛ ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم حين سمع قراءة أبي موسى : «أنه أوتي مزمارا من مزامير آل داود» أي : أوتي صوتا حسنا كأنه صوت داود.
قال : وقال أبو عَمرو : والزَّميرُ : الحَسَن من الرّجال ، والزَّوْمَرُ : الغلام الجميلُ الوجه.
قلتُ : للزَّمارة في تفسير ما جاء في الحديث وَجْهَان : أحدُهما أن يكون النَّهيُ عن كَسْب المغنِّية.
كما رَوَى أبو حاتم عن الأصمعيّ ، أو يكون النَّهيُ عن كَسْب البَغِيّ كما قال أبو عُبَيد وأحمد بن يحيى ، وإذا رَوَى الثِّقاتُ حَدِيثا بلفظٍ له مَخرَج في العربيّة لم يَجُز رَدُّه عليهم ، واختراعُ لفظ لَم يُرْوَ ، ألَا تَرى أنّ أبا عُبيد وأبا العبّاس لمّا وَجَدا لِما قال الحجّاج مَذهبا في اللّغة لَم يَعْدُواه ، وعَجل القُتيبيُّ فلم يثبت ففسّر لفظا لَم يَرْوِه الثِّقات ، وقد عَثرتُ على حروف كثيرةٍ رَواها الثِّقات بألفاظٍ كثيرة حفِظوها ، فغَيَّرها مَنْ لا عِلْمَ له بها وهي صحيحة ، والله يوفِّقنا لقَصْد الصّواب.
وقال اللّيث : الزُّمْرَة : فَوْجٌ من النّاس.
وقال أبو عُبَيد : الزِّمَارُ : صَوتُ النَّعامة ، وقد زَمَرَتْ تَزْمِرُ زِمارا. وشاةٌ زَمِرةٌ : قليلةُ الصُّوف ، ورجلٌ زَمِرُ المروءة.
سلمة عن الفرّاء : زَمَّر الرجلُ قِرْبتَه وزَنَرها : إذا مَلأَها.
وقال أبو عمرو : الزَّمّارةُ : الساجُور.
وكَتَب الحَجّاج إلى بعض عُمّاله أن ابعثْ إليّ فلانا مُسمَّعا مُزَمَّرا، فالمسَمَّع : المقيَّد ، والمُزَمَّرُ : المُسَوْجَر.
وأنشد :
ولي مُسمِعانِ وزَمّارَةٌ |
وظِلٌّ ظليل وحِصْنٌ أمَقّ |
والمُسمِع : القَيْد. والزمّارة : الغُلّ. وأراد بالحِصْنِ الأمَقّ : السِّجْن.
مزر : قال أبو عبيد : المَزِيرُ : الشّديدُ القَلْب ؛ حكاه عن الأصمعيّ.
وقال شمر : المَزِيرُ : الظَّرِيف ، قاله الفرّاء ، وأَنشَد :
فلا تَذْهَبن عَيناكَ في كلِّ شَرْمَحٍ |
طوالٍ فإنّ الأقْصَرِينَ أَمازِرُه |
أراد أمازِر ما ذكرنا ، وهم جمعُ الأمْزَر ورُوِي عن أبي العالية أنّه قال : اشرَبِ النّبِيذَ ولا تمَزِّر.
قال أبو عُبَيد : معناه : اشربْه كما تَشْرَب