واسطا لأنه وَسَطٌ بين الآخرَة والقادِمة ، وكذلك واسطة القِلادة ، وهي الجوهرة التي تكون في وَسَط الكِرْس المنظوم.
قلتُ : أخطأ الليث في تفسير واسِطِ الرَّحْل ولم يُثْبته ، وإنما يَعرف هذا مَن شاهد العرَب ومارس شَدَّ الرِّحال على الرَّواحل ، فأما من يفسِّر كلامَ العرَب على قِياساتِ خواطِر الوهْم فإن خطأَه يكثُر.
قلتُ : وللرَّحْل شَرْخان : وهما طَرَفاه مِثل قَرَبوس السَّرْج ، فالطَّرَف الذي يلي ذَنَب البعيرِ آخرَةُ الرَّحْل ومُؤخرته ، والطرفُ الذي يلي رأس البعيرِ واسِطُ الرَّحْل بلا هاء ، ولم يُسمَ واسطا لأنه وَسَطٌ بين الآخرة والقادمة كما قال الليث ، ولا قادمةَ للرَّحْل بَتَّةً ، إنما القادمة الواحدةُ من قَوادِم الريش ، ويَضرَع الناقة قادِمان وآخِران بغير هاء ، وكلامُ العرَب يُدَوَّن في الصُّحف من حيث يصحّ ، إما أن يؤخذ عن إمام ثقةٍ عرَفَ كلام العرب وشاهَدهم ، أو يُتلقَّى عن مُؤَدٍّ ثقة يَروِي عن الثِّقات المقبولين ، فأما عباراتُ من لا معرفة له ولا مُشاهَدة فإنه يفسِد الكلامَ ويُزيله عن صيغته.
وقال ابن شميل في باب الرِّحال : وفي الرَّحْل واسطه وآخرته ومَوْرِكُه ، فواسطُه مقدَّمُه الطويل الذي يلِي صدرَ الراكب ، وأما آخرَته فمؤْخِرتُه وهي خشبتُه العريضة الطويلة الّتي تُحاذِي برأسِ الراكب.
قال : والآخِرة والوَاسطُ : الشَّرْخان ، يقال : رَكِب بين شَرْخَيْ رَحْلِه.
قلتُ : فهذا الّذي وصَفَه النَّضْر صحيحٌ كلُّه لا شك فيه ، وأما واسِطةُ القِلادة : فهي الجوهرة الفاخرة الّتي تُجعَل في وَسَطها.
وقال اللّيث : فلانٌ وَسِيطُ الدّار والحَسَب في قومِه ، وقد وَسُط وَساطَةً وسِطَة ووسَّطه توسيطا.
وأَنشدَ :
* وسّطْتُ من حَنْظلةَ الأُصْطُمّا*
طيس : قال اللّيث : الطَّيْس : العَدَد الكثير.
وقال رؤبة :
عَدَدْتُ قومِي كعَدِيد الطَّيْسِ |
إذْ ذَهَبَ القومُ الكِرامُ لَيْسيِ |
أراد : بقوله ليسي ، أي : غَيْرِي. قال : واختلفوا في تفسير الطَّيْس ، فقال بعضهم : كلُّ من على ظهرِ الأرضِ من الأنام فهوَ من الطَّيْس. وقال بعضٌ : بل كلُّ خَلْق كثير النَّسْل ، نحو : النَّمل والذُّباب والهَوام.
وقال أبو عَمْرو : طاسَ يَطيسُ طَيْسا : إذا كَثُر. وحِنْطة طَيْسٌ كثيرة.
طسأ : أبو عُبيد عن الأصمعيّ : إذا غَلَب الدَّسَم على قَلْب الآكل فاتَّخَم قيل : طَسِىءَ يَطْسَأ طَسْأً وطَنِخَ يطنخ طَنْخا.
وقال اللّيث : يقال : طَسِئتْ نفسُه فهي طاسئةٌ : إذا تغيّرتْ من أَكْل الدَّسَم فرأيته متكرِّها لذلك ، يُهمَز ولا يُهمَزُ.