يعني يشدُّه ويقوِّيه ، وأما «يَسرُو» فمعناه يكشف عن فؤاده الألم ويُزيله.
ولهذا قيل : سَرَوْتُ الثوبَ عنه ، وسرَيْتُه وسَرَّيْته : إذا نَضَوْتَه.
وقال ابن هَرْمَة :
* سَرَى ثوبَه عنك الصِّبَا المُتخايِلُ*
وأما السَّرِيَّة من سَرايا الجُيوش : فإنها فعيلةٌ بمعنى فاعلة ، سُمّيتْ سَرِيّةً لأنها تسري ليلا في خُفْيَة لئلَّا يَنْذَر بهم العَدُوّ ، فيَحْذَرُوا أو يمتَنِعوا.
وأما قولُ الله جلّ وعزّ في قصّة مريم : (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) [مريم : ٢٤].
فرُوي عن ابن عباس أنه قال : السَّرِيّ : الْجَدْوَل، وهو قول جميع أهل اللغة ، وأنشد أبو عبيد قولَ لَبِيد :
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفَا وسَرِيُّهُ |
عُمُّ نَواعمُ بينهنّ كرُومُ |
أبو عبيد عن أبي عبيدة : السراء : شجر ، الواحدة سراة ، وهي من كبار الشجر تنبت في الجبال ، وربما اتخذ منها القسي العربية.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : السِّرْيةُ والسُّرْوة من النِّصَال ، وهو المُدَوَّرُ المُدَمْلَك الذي لا عَرْض له.
شَمر عن ابن الأعرابيّ : السُّرَى : نِصَالٌ رِقاق.
ويقال : قِصَارٌ يُرمَى بها الهدَف.
قال : وقال الأسَدي : السِّرْوة تُدْعَى الدِّرْعِيّة ، وذلك أنها تدخل الدروع ، ونِصَالُها مُسَلّكةٌ كالمِخْيَط.
وقال ابنُ أبي الحُقَيق يَصِف الدُّروع :
تَنفِي السُّرَى وجِيادَ النَّبْلِ تَتْرُكه |
مِن بينِ مُنقصِفٍ كَسْرا ومَفْلُولُ |
وفي الحديث : أنه طعن بالسُّروة في ضَبعها ؛ يعني في ضبع الناقة هي السّرْية والسروة ، هي النصال الصغار.
أبو عمرو يقال : هو يُسَرِّي العَرَق عن نفسه : إذا كان يَنضَحُه ، وأَنشَد :
* يَنضَحن ماءَ البَدَن المُسَرِّي *
وسَراةُ الطريق : مَتْنُه ومُعْظَمه ، ويقال : اسْتَرَيْتُ الشيءَ : إذا اخترتَه ، وأخذتُ سراتَه : أي : خيارَه.
وقال الأعشى :
فقد أُخرِج الكاعِبَ المُسْترا |
ةَ مِن خِدْرِها وأُشِيعُ القِمارَا |
أبو عُبَيد عن الفرّاء : أرض مَسْرُوَّةٌ من السّرَوَةِ ، وهي دُودَة.
ويقال : فلانٌ يُسَارِي إبَل جارِه إذا طَرَقَها ليحتلِبَها دون صاحِبِها ، قال أبو وَجْزة :
فإِنِّي لا وَأُمِّكَ لا أسارِي |
لِقاحَ الجارِ ما سَمَرَ السَّمِيرُ |
والسّارِياتُ : حُمُر الوحوش ، لأنّها تَرعَى لَيْلا وتَنفَّشُ ، ويقال : سَرَّى قائدُ الجيش سَرِيةً إلى العَدُوّ : إذا جرّدها وبعثها لَيْلا ؛