وقد استدلّ القوم على وجود دليل يقدّم على الإطلاق بوجوه نذكر بعضها :
الأوّل : انّ الموافقة القطعية في الشبهة غير المحصورة أمر موجب للعسر والحرج ، ومعه لا يكون التكليف فعليا ، فيجوز ارتكاب الأطراف جميعها أو بعضها.
الثاني : الروايات الواردة حول الجبن وغيرها المحمولة على الشبهة غير المحصورة ، الدالة على عدم وجوب الاجتناب ، منها :
١. روى إسحاق بن عمّار عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم ، قال : «يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحدا». (١)
٢. ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : سألته عن الرجل أيشتري من العامل وهو يظلم؟ فقال : «يشتري منه». (٢)
وقد وردت روايات في أخذ جوائز الظالم. (٣)
إلى غير ذلك من الروايات المورثة لليقين بعدم وجوب الموافقة القطعية.
تنبيه
إذا كان المردّد في الشبهة غير المحصورة أفرادا كثيرة نسبة مجموعها إلى المشتبهات كنسبة الشيء إلى الأمور المحصورة ، كما إذا علم بوجود مائة شاة محرّمة في ضمن ألف شاة ، فإنّ نسبة المائة إلى الألف نسبة الواحد إلى العشرة ، وهذا ما يسمّى بشبهة الكثير في الكثير ، فالعلم الإجمالي هنا منجز ، والعقلاء يتعاملون معه معاملة الشبهة المحصورة ، ولا يعد احتمال الحرمة في كلّ طرف احتمالا ضئيلا.
__________________
(١ و ٢). الوسائل : ١٢ ، الباب ٥٣ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢ و ٣ ، ولاحظ الباب ٥٢ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١ و ٣.
(٣) لاحظ الوسائل : ١٢ ، الباب ٥١ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١.