قد وقفت على أنّ مقتضى القاعدة الأوّلية في الخبرين المتعارضين هو التساقط ، فلو ثبت شيء على خلاف تلك القاعدة نأخذ به ، وإلاّ فهي محكّمة.
فنقول : إنّ الخبرين المتعارضين على صورتين :
أ : الخبران المتكافئان اللّذان لا مزيّة لأحدهما توجب ترجيحه على الآخر.
ب : الخبران المتعارضان اللّذان في أحدهما مزيّة توجب ترجيحه على الآخر.
وإليك الكلام في كلا القسمين :
إذا ورد خبران متعارضان متكافئان من دون مزية لأحدهما على الآخر (١) فقد استفاضت الروايات على التخيير بينهما ، فمنها :
١. ما روى الطبرسي في «الاحتجاج» عن الحسن بن الجهم (٢) قال : قلت له تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة ، فقال : «ما جاءك عنّا فقس على كتاب الله عزّ وجلّ وأحاديثنا ، فإن كان يشبههما فهو منّا ، وإن لم يكن يشبههما فليس منّا» ، قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحق؟ قال : «فإذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت». (٣)
٢. ما رواه الشيخ في «التهذيب» ، عن علي بن مهزيار قال : قرأت في كتاب
__________________
(١) سيوافيك أنّ أخبار التخيير محمولة على صورة التكافؤ.
(٢) الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين الشيباني ، ترجمه النجاشي برقم ١٠٨ ، وقال : ثقة ، روى عن أبي الحسن والرضا عليهماالسلام.
(٣) الوسائل : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٠.