لكلّ قوم قبلة يتوجهوا |
|
وقبلة الأحباب فرد واحد |
ففى كلّ شىء له آية |
|
تدل على أنه واحد |
ونقل عن أبى يزيد البسطامى (١) ـ رحمه الله ـ أنه قال : حججت ثلاث حجج ؛ ففى الحجة الأولى : رأيت البيت ولم أر رب البيت. وفى الثانية : رأيت البيت ورب البيت ، وفى الثالثة : رأيت رب البيت ولم أر البيت (٢).
وقال الشيخ أبو الحسن الخرقانى قدس الله سره : من زار مكة فليكن له ثلاث خلال : أولها : أن لا يقول فى البادية ليتها كانت كذا وكذا. والثانى : إذا مشى لا يمشى إلا فى بادية الوحدانية. والثالث : أن لا يرى الكعبة بل يرى ربها.
وقال على بن الموفق : طفت بالبيت وصليت ركعتين فى الحجر واستندت إلى جدار الكعبة أبكى وأقول : كم أحضر هذا البيت الشريف ولا أزداد فى نفسى خيرا ، فبينا أنا بين النائم واليقظان إذ هتف بى هاتف : يا علىّ سمعنا مقالتك ، أو تدعو أنت إلى بيتك من لا تحبه! (٣).
وقال الأوزاعى : رأيت رجلا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول : يا رب إنى فقير كما ترى ، وصبيتى قد عروا كما ترى ، وناقتى قد عجفت كما ترى ، وبردتى قد بليت كما ترى ، فما ترى مما يرى يا من يرى ولا يرى؟ وإذا بصوت من خلفه : يا عاصم الحق عمك قد هلك بالطائف وخلّف لك ألف نعجة وثلثمائة ناقة وأربعمائة دينار وأربعة أعبد وثلاثة أسياف يمانية ، فامض وخذها فليس له وارث غيرك ، قال الأوزاعى : فقلت له : يا عاصم إن الذى دعوته لقد كان قريبا. فقال :
__________________
(١) هو : سلطان العارفين ، أبو يزيد ، طيفور بن عيسى بن شروسان ، البسطامى نسبة إلى بسطام بلدة شرقى العراق ، زاهد تكلم كثيرا فى التصوف ، وتعمق ، فوضعت عليه قصص ، ولفقت أقوال يأباها العقل والشرع. (انظر ترجمته فى : سير أعلام النبلاء ١٣ / ٨٦ ، المنتظم ١٢ / ١٦٦).
(٢) هداية السالك ١ / ١٦٣ ، والمراد من هذه العبارات أن يلاحظ التقرب من الله عز وجل فى الطواف ، وأنه يتوصل إلى رضا رب البيت حتى يغلب ذلك الشعور على بعضهم ، كما فى الجملة الأخيرة. وقد علق «القارى» فى رسالته «أنوار الحجج» فقال : «فى المرة الثانية رأيت البيت ورب البيت» إنها حال أهل جمع الجمع فى الحضرة الأعلى ، وهى الفضلى والأولى كما لا يخفى».
(٣) تاريخ بغداد ١٢ / ١١١ ، طبقات الأولياء (٣٤١) ؛ وفى إسناده مجهول.