قيل إن من آثار المحبة ولوازمها الشوق والاُنس في الخلوة مع المحبوب ، ولذة مناجاته ، كما أن من شأن المُحب أن يؤثر مراد محبوبه علىٰ مراده.
ولذا كان من شأن المُحب (١) للخالق تعالىٰ عدم الغفلة عن عبادته وذكره في كل أحواله ( إذ من أحب شيئاً أكثر ضرورةً ذكرَه وذكر ما يتعلق به ، فمحب الله لا يخلو عن ذكر الله وذكر رسوله وذكر القرآن وتلاوته ، لأنه كلامه ، ويكون محباً للخلوة ليتفرد بذكره وبمناجاته ، ويكون له كمالُ الأنس والالتذاذ بمناجاته ، وفي أخبار داوود : كَذبَ من ادعىٰ محبتي وإذا جنه الليل نام عني ، أليس كل محب يحب لقاءَ حبيبه ، فها أنا ذا موجود لمن طلبني ) (٢).
وكذا أيضاً من آثار المحبة للخالق عزوجل عدم الصبر على فراقه والبعد عنه ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام في دعاء كميل : فهبني يا إلهي وسيدي ومولاي وربي صبرت علىٰ عذابك ، فكيف أصبرُ علىٰ فراقك ، وكما جاء أيضاً في مناجاة الإمام زين العابدين عليهالسلام : وغلتي لا يُبردها إلا وصلُك ، ولوعتي لا يطفيها إلا لقاؤُك ، وشوقي إليك لا يبله إلا النظر إلىٰ وجهك ، وقراري لا يقر دون دنوي منك (٣).
ومن شأن العبد المُحب أيضاً الإحساس والشعور دائماً بالتقصير نحو الخالق تعالىٰ مهما كثرت عبادته وطالت مناجاته ، جاء في دعاء الإمام زين العابدين عليهالسلام :
__________________
(١) كما لا يخفى أن محبة الله تعالىٰ تتفاوت من شخص لآخر حسب الإيمان ! وان كانوا مشتركين جميعهم في أصل المحبة باعتبارهم مؤمنين به تعالىٰ ، فعلىٰ هذا يترتب على المحبة شدةً أو ضعفاً آثار ولوازم.
(٢) جامع السعادات للنراقي : ج ٣ ، ص ١٧٦.
(٣) جامع السعادات : ج ٣ ، ص ١٥٤.