إلهي قد تقشّع الظلامُ ولم أقض من خدمتك وطراً ، ولا من حياض مُناجاتك صدراً (١).
الأمر الذي يدل على الشوق والأنس بمناجاة الخالق ، والرغبة الأكيدة في الاستمرار في عبادته بلا انقطاع بدون ملل ولا سأم عند اوليائه ، كل ذلك حُباً فيه (٢) وتعظيماً له واعترافاً له بالعبودية والتي سمتها الخشوع والخضوع ، جاء في دعاء الحسين عليهالسلام يوم عرفة : وَأقمني بصدق العُبوديَّة بين يدَيكَ.
إنه الموقف الصادق في سلوك أهل بيت العصمة عليهمالسلام والذي يُمثل أعلىٰ مراتب الانقياد والطاعة والخشوع بين يدي المولىٰ ، والإقرار بمقام العبودية والإذعان له تعالىٰ ، فلا يأنسون إلا بذكره ، ولا تبرد غلتهم إلا بوصله ، ولا تنطفئ لوعتهم الا بلقائه ، فإذا ما سدل الليلُ ستَره ، ونامت العيون ، أخذوا في مناجاة الخالق بالعبادة في بُكاءٍ وخشوعٍ لا يشغلهم شاغلٌ عمّاهُم عليه من التوجه إلى الباري تعالىٰ ، فكانوا كما قال عنهم تعالى : ( كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (٣) وقال تعالى : ( تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) (٤).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٤٦ ، ص ٤٠.
(٢) وهذه العبادة أفضل العبادات ، وهي التي تسمى بعبادة الأحرار ، روي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنَّ العبادة ثلاثة : قومٌ عبدوا الله ( عزّوجل ) خوفاً فتلك عبادة العبيد ، وقومٌ عبدوا الله تبارك وتعالىٰ طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء ، وقومٌ عبدوا الله ( عزّوجلّ ) حبّاً له فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة. بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٥٥.
(٣) سورة الذاريات : الآية ١٧ و ١٨.
(٤) سورة السجدة : الآية ١٦.