وإذا ما راجعنا سيرة أمير المؤمنين عليهالسلام في خصوص هذا الأمر ، وجدناه عليهالسلام إذا ما جنّ عليه الليل خرج يبحث عن مكان يخلو فيه مع ربه ، كما شهدت له بُعيلاتُ النخيلِ بذلك ، وليلةُ الهرير ، وهو بين السهام والرماح ، ولم يثنه ذلك عن مناجاة الخالق تعالى.
وعلىٰ هذا المنهج سار أولادُه الطاهرون عليهمالسلام وإنك لتجد ذلك واضحاً في سيرتهم كجزء من حياتهم لا ينفك عنهم ولا يبتغون غيره ولا يأنسون إلا به ، فهذا سيدُ شباب أهل الجنة الحسين عليهالسلام يَحكي سيرةَ أبيه أمير المؤمنين عليهالسلام وَما كان عليه حالهُ في العبادة كَماً وكيفاً.
أما كمّاً ، فناهيك عمّا حَدّثَ به من هو أعرف الناس به والمُطلع علىٰ شؤونه وأسرار حياته ، ولدُه زينُ العابدين وسيدُ الساجدين عليهالسلام لمَّا قيل له : ما أقلَ ولد أبيك ؟!
قال عليهالسلام : العجبُ كيف ولدتُ له !! كان يصلي في اليوم والليلة ألفَ ركعة ، فمتىٰ كان يتفرغ للنساء (١).
وأما كيفاً ، فناهيك عمّا يعتريه إذا حضرته الصلاةُ من شدة الخوف ، فيتغير لونُه وترتعد مفاصلهُ ، فقيلَ له في ذلك ؟! فقال عليهالسلام حقٌ لمؤمن يقف بين يدي المَلكِ القهار أن يَصفّرَ لونُه وترتعدُ مفاصلُه (٢).
وقد تعجب الناسُ الذين شاهدوا حالتَه من شدة خوفه فقالوا له : ما أعظم
__________________
(١) العقد الفريد للأندلسي : ج ٤ ، ص ٣٨٤.
(٢) العوالم ( الأمام الحسين ) للبحراني : ج ١٧ ، ص ٦١ ، الخصائص الحسينية للتستري : ص ٤٥.