خيام الحسين عليهالسلام بهمهمة التسبيح وتلاوة القرآن ، فجذبت قلوبَهم ورأوا أنفسهم يتحركون نحوهم حتىٰ انضموا إلىٰ ركبهم ، وهذا خيرُ دليل علىٰ صِدق عبادتِهم وطهارة نفوسِهم وإخلاصهم لله تعالىٰ.
هذا وقد أمضوا ليلتهم هذه حتى الصباح في عبادة وخشوع ، ومِنْ بينهم سيدُ شباب أهل الجنة ـ صلوات الله عليه ـ وهو يرتّلُ القرآنَ ترتيلاً ، وقد أحدقوا به يَستمدون من إشعاعاتهِ النورانية ما يهيئهم للقاء الله تعالىٰ ، وقد انعكس حاله وما كان عليه من المناجاة على حالهم ، فأقبلوا معه يتضرعون إلى الله تعالىٰ ويستغفرونه ويتلون كتابه ، فكانت عبادة بحق خالصة لوجهه الكريم ، ولهذا زادتهم صموداً واستعداداً في مواجهة الطغيان والتحدي.
ليس في القارئين مثلُ حسينٍ |
|
عالماً بالجواهر الغاليات |
فهو يدري خلف السطور سطوراً |
|
ليس كلُ الاعجاز في الكلمات |
للبيان العُلويّ في أنفس الأطهار |
|
مسرى يفوقُ مسرى اللُغات |
وهو وقفٌ على البصيرة ، فالأبصار |
|
تَعشو ، في الأنجم الباهرات |
يَقذفُ البحرُ للشواطئ رَملاً |
|
واللآلي تغوصُ في اللُّجات |
والمصلون في التلاوة أشباهٌ |
|
وإن الفروقَ بالنيات |
فالمناجاةُ شعلةٌ من فؤادٍ |
|
صادقِ الحسّ مرهف الخلجات |
فإذا لم تكن سوىٰ رجع قول |
|
فهي لهوُ الشفاه بالتمتمات |
إنما الساجد المصلي حسينٌ |
|
طاهرُ الذيلِ طَيّبُ النفحات (١) |
__________________
(١) عيد الغدير لبولس سلامه : ص ٢٦٢.