ويستقي من أخلاقهم ، مثلُ حواريهم وأصحابهم المُخلصين ، والذين تخلقوا بأخلاقهم ، وتحلّوا بصفاتهم وحذوا حذوهم.
وفي طليعة هؤلاءِ الذين مَجّدهم التاريخ وحفظ ذكرهم ، أصحاب الحسين عليهالسلام والذين مثلوا أروع صُورِ الإيثار التي خلدها التاريخ وأثنىٰ عليها.
ومن تلك الصور الخالدة ، وقوفُهم ليلةَ عاشوراء مع الحسين عليهالسلام وقد عاهدوهُ على التضحية والشهادة بين يديه ، ووقف كلٌّ منهم يُعاهدُ الآخر علىٰ أن يؤثرَه علىٰ نفسه ، وكلٌ منهم يُريد أن يَسبق الآخر إلىٰ ساحة القتال !!
ولذا لم يعرف التاريخُ أصحاباً أفضل منهم ، وذلك بما حازوا عليه من صفات شريفة ، وخصال حميدة ، وملكات نفسية ، أهلتهم أن يكونوا أفضل الأصحاب وخيرهم ، ومن ذلك هو تسابقُهم إلى الشهادة ، بإخلاصٍ وتفانٍ في سبيل الحق ، غير مكترثين بالحياة ساخرين من الموت ، متعطشين إلى الشهادة.
قال أحد الأعلام : السبقُ إلى النفع غريزةٌ في الأحياءِ لا يحيدون عنها ولا يُلامونَ عليها ، وقد يؤولُ إلى النزاعِ بين الأشخاص والأنواع ، ولكنَّ التسابق إلى الموت لا يُرىٰ في العُقلاءِ إلاَّ لغايات شريفة تَبلغُ في مُعتقدِهم من الاهتمام مبلغاً قصياً أسمىٰ من الحياة الحاضرة ، كما إذا اعتقدَ الإنسان في تَسابُقه إلى الموت نيلَ سعاداتٍ ولذاتٍ هي أرقىٰ وأبقىٰ من جميع ماله في الحياة الحاضرة.
ولهذا نظائرُ في تواريخِ الغُزاة والمجاهدين ، ففي صحابة النبي صلىاللهعليهوآله ( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) (١) وتسابقوا إلى القتال بين يديه ، مُعتقدين أن ليس
__________________
(١) سورة الأحزاب : الآية ٢٣.