أفتَغصِبُ نفسَكَ اغتصاباً ؟ فذلكَ أقرحُ لِقلبي وأشدُّ على نَفسي وَلطمَتْ وَجهَهَا وأهوتْ إلى جَيبِها وشقتهُ ، وَخرّت مَغشياً عليها.
فقام إليها الحسين عليهالسلام فصبَّ على وَجهِهِا الماءَ ، وقال لها : يا أُخيَّة اتّقي اللهَ وَتعزّي بعزاءِ اللهِ واعلمي أنَّ أهل الأرضِ يَموتون ، وأنَّ أهل السماءِ لا يبقونَ وأنَّ كلَ شيءٍ هالكٌ إلا وجهَ اللهِ الذي خَلقَ الأرض بقُدرتهِ ، وَيبعثَ الخلقَ فيعودونَ وَهو فردٌ وحدَه ، أبي خيرٌ مني ، وأمي خيرٌ مني ، وأخي خيرٌ مني ، وَلي وَلَهم ولكلِ مُسلمٍ برسولِ اللهِ أسوةٌ.
قال : فعزّاها بهذا وَنحوهِ ، وقال لها : يا أُخيّة إني اُقسمُ عليكِ فأبرِّي قَسمي ، لا تشُقي عليَّ جَيباً ، وَلا تخمشي عليَّ وَجهاً ، وَلا تدعي عليَّ بالويلِ والثبورِ إذا أنا هلكت.
وفي رواية (١) ثم قال عليهالسلام : يا اُختاه يا اُمّ كلثوم ، وأنتِ يا زينب ، وأنتِ يا فاطمة ، وأنتِ يا رباب ، إذا أنا قُتلت فلا تشققنَ عليَّ جيباً ، ولا تخمشن عليَّ وجهاً ، ولا تقلن هجراً.
__________________
ليلاً لنام ، حذام بنت الريان وذلك لما سار عاطس بن خلاج لقتال أبيها ليلاً فلما كانوا قريباً منه أثاروا القطا ، فمرت بأصحاب الريان فخرجت حذام إلى قومها فقالت :
الا يا قومنا
ارتحلوا وسيروا |
|
فلو تُرك القطا
ليلاً لناما |
أي أن القطا لو تُرك ما طار هذه الساعة وقد أتاكم القوم ، فلم يلتفتوا إلى قولها ، وأخلدوا إلى المضاجع لمّا نالهم من التعب ، فقام دَيسم بن طارق وقال بصوت عال :
إذا قالت حذام
فصدّقوها |
|
فإنَّ القولَ ما
قالتْ حذامِ |
انظر : مجمع الامثال للميداني : ج ٣ ، ص ٨٢.
(١) اللهوف : ص ٣٦ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ص ٢٣٨.