الى أنفسهم. بل بهذه الاضافة ، يبقون محرومين عن التوحيد. ولا يتحققون به أصلا. وكيف يتحققون وهم لا يصلون الى توحيد الأفعال ، فكيف بتوحيد الصفات والذات. فلا يحظون بما يترتب عليه ، مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ولكنهم لا يشعرون بذلك الإفساد. لأنه من قبيل الشرك الخفي ، الذي هو أخفى من دبيب النمل ، وإذا قيل لهم آمنوا ايمانا حقيقيا (كَما آمَنَ النَّاسُ) المتحققون بحقائق ، الحقيقة الانسانية الكمالية ، الباذلون وجودهم بالفناء في الله.
(قالُوا : أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ)؟ فان من السفه ، بذل الوجود الذي ، هو رأس مال الحظوظ (١) العاجلة والاجلة. فقيل في ردهم : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ). فان من يبذل وجوده الفاني ، يبقى ببقاء الحق سبحانه. وأين الوجود الفاني ، من البقاء بالحق. ولكنهم لا يعلمون ذلك. لأن هذا العلم ، لا يحصل بالحجة والبرهان. بل بالذوق والوجدان.
(وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) : وقرئ «ولاقوا».
هذه الجملة ، مع ما عطفت عليها ، في حكم كلام واحد ، مساقة لبيان معاملتهم مع المؤمنين وأهل دينهم. وتنافي قوليهم لهما ، بخلاف صدر قصتهم. فانه مسوق (٢) ، لبيان أصل نفاقهم ، من غير تعرض ، للقائهم المؤمنين.
وقولهم معهم ، ولخلوهم مع شياطينهم ، وقولهم لهم ، فيما يتوهم في أجزاء الشرطية الأولى ، من التكرر ، مضمحل ، بالكلية.
تقول : لقيته ولاقيته ، إذا استقبلته ، قريبا منه. ومنه ، ألقيته ، إذا طرحته. لأنك بطرحه ، جعلته بحيث يلقى.
__________________
(١) أ : الخطوط.
(٢) أ : مسبوق.