«أولئك» المتوسمون بالايمان الرسمي ، هم الذين اشتروا ضلالة» ظلمة جحدانياتهم ، «بهدى» نور استعدادهم الفطري ، لكشف حقائق التوحيد الحقيقي.
واختاروها عليه. فما ربحت تجارتهم هذه. لأنهم أضاعوا رأس مالهم ، الذي هو هدى ذوي الاستعداد. فكيف تربح تجارتهم ، بعد اضاعتهم إياه. «و» الحال أنهم ما كانوا مهتدين ، لطرق تلك التجارة ، سالكين سبيل الفوز بها ، على وجه ، يربحون ولا يخسرون.
(مَثَلُهُمْ) :
لمّا بيّن حقيقة صفة المنافقين ، أراد أن يكشف عنها ، كشفا (١) تاما. ويبرزها في معرض المحسوس المشاهد. ففيها يضرب المثل ، مبالغة في البيان. ولأمر ما ، أكثر الله في كتبه الأمثال. وكثر في كلام الأنبياء والحكماء ومن سور الإنجيل ، سورة الأمثال.
و «المثل» في الأصل ، بمعنى ، المثل. وهو النظير. يقال : مثل ومثل ومثيل.
كشبه وشبه وشبيه.
ثم قيل : مثل للقول السائر. ويعتبر فيه أن يكون تشبيها تمثيليا ، على سبيل الاستعارة. ومن ثم حوفظ عليه. ولم يغير. فيكون بعينه لفظ المشبه به. فان وقع تغيير ، لم يكن مثلا. بل هو مأخوذ منه واشارة اليه. كما في قولك : بالصيف ضيّعت اللبن ـ بالفتح.
وقيل : لم يغير ، لأنه ينبغي أن يكون فيه ، غرابة من بعض الوجوه. فلو غير ، لربما انتفت تلك الغرابة. وانما سمي مثلا ، لأنه جعل مضربه. وهو ما يضرب فيه ، ثانيا مثلا ، لمورده. وهو ما ورد فيه ـ أولا ـ ثم استعير لكل حال ، أو قصة ، أو صفة
__________________
(١) ليس في أ.