واعلم! أن هذه الاية تدل أيضا على أن قول موسى ـ عليه السلام ـ «رب أرنى أنظر اليك» ، كان سؤالا لقومه. لانّه لا خلاف بين أهل التّوراة ، أن موسى ـ عليه السلام ـ لم يسأل الرّؤية ، الا دفعة واحدة وهي الّتى سألها لقومه.
(ثُمَّ بَعَثْناكُمْ) : أحييناكم.
(مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) ، بسبب الصاعقة.
وقيّد البعث ، لانّه قد يكون من إغماء ونوم ، لقوله تعالى : ثمّ بعثناهم.
وقيل (١) : انّهم سألوا بعد الأحياء أن يبعثوا أنبياء. فبعثهم الله أنبياء.
وأجمع المفسّرون الا شرذمة يسيرة ، أن الله تعالى لم يكن أمات موسى ، كما أمات قومه. ولكن غشى عليه ، بدلالة قوله تعالى : فلمّا أفاق. والافاقة انّما تكون من الغشيان.
(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦)) : نعمه الّتى منها رد حياتكم.
وفي الاية ، دلالة على جواز الرّجعة.
وقال أبو القاسم البلخي (٢) : لا تجوز الرّجعة مع الاعلام بها. لان فيها إغراء بالمعاصي ، من جهة الاتّكال على التّوبة في الكّرة الثّانية.
وأجيب بأن من يقول بالرّجعة ، لا يذهب الى أن النّاس كلهم يرجعون ، فيصير إغراء بأن يقع الاتكال على التّوبة فيها. بل لا أحد من المكلّفين الا ويجوز أن لا يرجع. وذلك يكفى في باب الزّجر.
[وفي شرح الآيات الباهرة (٣) : قال الامام ـ عليه السلام ـ : وذلك أن موسى ـ
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ١١٥.
(٢) ر. نفس المصدر.
(٣) شرح الآيات الباهرة / ١٩ ـ ٢٠.