(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ، أي ، عما يخرجكم عن العبودية المحضة. ولما كان كلامه سبحانه ، بصورة الصوت والحرف ، المثاليين او الحسيّين ، لا يصدر الا بواسطة مظاهره المثالية أو الحسية. فلا يبعد أن يتحقق معنى الترجي ، بالنسبة الى بعض هذه المظاهر. ويكون إيراد كلمة «لعل» ، بالنظر اليه. فان نسبة مظاهر التكلم ، الى المتكلم ، أقوى مما سواه اليه. كما لا يخفى على ذوي البصائر. والله سبحانه ، يتولى السرائر.
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) : منصوب المحل ، على الوصفية.
كالذي خلقكم. أو على المدح ، بتقدير «أعني» ، أو «أخص» أو «أمدح».
وفي كلام بعض النحاة ، ما يشعر بأن القطع بالنصب ، انما يجوز فيما إذا كان الموصوف ، مرفوعا ، أو مجرورا. وهو الأظهر. لأن الاشعار بالمدح ، انما يكون حيث يكون في التابع ، مخالفة للمتبوع وفي الصورة المفروضة. وان كان مخالفة حكمية. لكنه لا يظهر بالنسبة الى المخاطب ، حتى يشعر بقصد المدح أو على (أنه مفعول «تتقون» ، أو مرفوع على الخبرية. وفيه ما في النصب ، من المدح ، أو على) (١) الابتداء ، بأن يكون خبره (فَلا تَجْعَلُوا)».
وجعل من الأفعال التامة ، يجيء على ثلاثة أوجه ، بمعنى ، طفق ، من أفعال القلوب. فلا يتعدى. وبمعنى ، أوجد ، فيتعدى الى مفعول واحد. كقوله تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) (٢). وبمعنى صير فيتعدى الى مفعولين. كما في الاية.
و «التصيير» ، يكون بالفعل ، تارة وبالقول والعقد أخرى. «فالأرض» ، مفعوله الأول. و «فراشا» ، مفعوله الثاني.
ويحتمل أن يكون ، من قبيل الاستعمال الثاني. أي ، خلق الأرض ، حال كونه
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في أ.
(٢) الانعام / ١.