كان المنادى ، الحصة الوجودية المتعينة ، من الحقيقة المطلقة الغالبة (١) عليها ، في مبدأ حالها الإطلاق والإبهام. ثم يتخصص (٢) ويتخصص بالمرور على المراتب والاتصاف بأحكامها ، حتى يصل الى المرتبة الانسانية الوجودية الشهادية العنصرية ، عبر عنه ـ أولا ـ بكلمة أي ، الدالة على الإبهام. ووصف ـ ثانيا ـ بالناس.
الدال على كمال تخصصها. ولما كان وصولها الى هذه المرتبة ، بتوسط مراتب كثيرة منبعثة من باطن الغيب الى أقصى مراتب الشهادة ، أشير اليها ، بحرفي التنبيه المنبعث ، أولهما من باطن القلب ، أعني : الهاء. وثانيهما من ساذج (٣) مار (٤) على المراتب كلها ، أعني : الألف. ومعنى قوله : (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) ، تحققوا بعبوديته (٥) المحضة التي لا يشوبها عبودية السوي ، بأن تتوهموا أن فيكم ربوبيته (٦) بالنسبة الى غيره سبحانه. (الَّذِي خَلَقَكُمْ) ، أي ظهر ظهوركم. فهو الظاهر فيكم. وأنتم المظاهر له. فما ظهر فيكم من خصائص الربوبية ، فهو من الرب ، الظاهر فيكم ، لا أنتم. «وخلق الذين من قبلكم» ، أي ظهر بصورة من تقدمكم بوصول آثار الربوبية منهم ، إليكم. فهو الظاهر فيهم. وهم المظاهر له. فما وصل منهم إليكم من آثار الربوبية ، فهو من الرب الظاهر. لا منهم. ما انقطعت نسبة عبوديتكم عنهم. وحيث وصلتم الى شهود هذا المعنى ، فأنتم عبيد ، متصفون بمحض العبودية. لم يبق فيكم عبودية ولا ربوبية ، بالنسبة الى غيره سبحانه.
__________________
(١) أ : الغالية.
(٢) أ : بتخصص.
(٣) أ : سارج.
(٤) أ : ماو.
(٥) أ : بعبودية.
(٦) ر : ربوبية.