فأرسل الله ريح الصبا ، حتى جففت (١) الطريق ، كما قال : فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا. فجروا فيه ، فلما أخذوا في الطريق ، قال بعضهم لبعض : ما لنا لا نرى أصحابنا؟
فقالوا لموسى : أين أصحابنا؟
فقال : في طريق مثل طريقكم.
فقالوا : لا نرضى حتى نراهم. فقال موسى ـ عليه السلام ـ : اللهم أعنّي على أخلاقهم السيئة.
فأوحى الله اليه أن قل (٢) بعصاك هكذا وهكذا ، يمينا وشمالا.
فأشار بعصاه يمينا وشمالا. فظهر كالكواء (٣) ينظر منها بعضهم الى بعض. فلما انتهى فرعون الى ساحل البحر وكان على فرس حصان ، أدهم. فهاب دخول الماء ، تمثل (٤) له جبرئيل ، على فرس أنثى. وديق وتقحم البحر. فلما رآها الحصان ، تقحم خلفها. ثم تقحم قوم فرعون. ولما خرج آخر من كان مع موسى من البحر ودخل آخر من كان مع فرعون البحر ، أطبق الله عليهم الماء. فغرقوا جميعا.
ونجى موسى ومن معه.
واعلم أن هذه الواقعة ، من أعظم ما أنعم الله به على بني إسرائيل. ومن آياته الملجئة الى العلم بوجود الصانع الحكيم وتصديق موسى ـ عليه السلام ـ.
ثم أنهم اتخذوا العجل. وقالوا : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ونحو ذلك.
فهم بمعزل في الفطنة والذكاء وسلامة النفس وحسن الاتباع عن أمة محمد ـ صلى
__________________
(١) أ : خففت.
(٢) المصدر : مل. وهو الظاهر.
(٣) أ : كالكواه.
(٤) المصدر : فتمثل.