أولا ، قدر أن يحييهم ، ثانيا. فان بدء الخلق ، ليس بأهون من إعادته.
و «الأموات» : جمع ميت (بالتخفيف) ، كالأقوال ، جمع قيل.
والمعنى (كُنْتُمْ أَمْواتاً) ، أي : عناصر ممتزجة منتقلة ، من حال الى حال ، حتى استقر على مزاج معتدل قابل لنفخ الروح فيه. فأحياكم بنفخ الروح فيه.
فعلى هذا ، يكون استعمال الأموات ، في العناصر ، استعارة لاشتراكهما ، في أن لا روح ولا احساس لهما.
وانما عطف بالفاء ، لأنه متصل بما عطف عليه ، غير متراخ عنه. بخلاف البواقي.
(ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) ، عند تقضي آجالكم.
(ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) ، بحياة أبدية ، يوم النشور ، أو في القبر ، للسؤال.
(ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)) ، ليحاسبكم أو يجازيكم ، على أعمالكم.
وان أريد بقوله «يحييكم» الحياة في القبر ، فينبغي أن يراد «بترجعون» ، الأحياء يوم النشور. ويلزم منه ، إهمال اماتتهم في القبر. اللهم ، الا أن يقال : معنى (إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ، أنهم يرجعون ، بتلك الاماتة واحياء ، يوم النشور.
ولو جعل (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) ، متناولا لاحيائين ، جميعا ، أي : يحييكم مرة بعد أخرى ، بقرينة المقام ، يلزم ، أيضا ، ذلك الإهمال. الا أن يقال : يفهم من تعدد الاحيائين ، تخلل اماتة بينهما. والظاهر ، أنه لم يعتد بالاحياء في القبر. لأنه ليس له زمان يعتد به.
وقرأ يعقوب ، ترجعون ـ بفتح التاء ـ ، في جميع القرآن.
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) :
بيان نعمة ثانية مترتبة على النعمة الأولى. فان الانتفاع بالأرض والسماء وما فيهما ، انما يكون بعد موهبة الحياة.