بطنا من بطون إشاراته. فنقول :
إذا لاقى المتوسمون بالايمان الرسمي ، الذين آمنوا ايمانا حقيقيا وتحققوا بحقيقة التوحيد. وانعكست اليهم ، أنوارهم الايمانية ، فتوهموا أنها من أنفسهم وملك لهم ، قالوا بلسان حالهم : «آمنا» ايمانا كايمانهم. «وإذا» فارقوا و (خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) المبعدين. وانفصلت منهم ، تلك الأنوار. ورجعوا الى ظلمتهم الأصلية الحجابية. وتضاعفت به (١) ظلمتهم ، لاجتماعهم مع هؤلاء الشياطين ، «قالوا» لهم : انا معكم متفقون بكم ، فيما آمنتم فيه ، من اثبات ذواتكم ، واسناد الصفات والأفعال اليها مستهزئون بالذين لا يثبتون الا وجودا واحدا. ويسندون اليه الأفعال والصفات ، كلها. فان ذلك شيء (٢) ، لا يحكم بصحته العقل. (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) ، في عين استهزائهم بهم. ذلك الاستهزاء ، فعل الحق فيهم. انصبغ بصبغ الاستهزاء.
لالحاق الهوان والحقارة بهم (٣) ، في عيون أرباب البصيرة. فيكون استهزاء بهم (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ) ، أي ، غلوهم في نفي التوحيد الحقيقي ، مترددين متحيرين بين المؤمنين ، ايمانا حقيقيا وبين شياطينهم الجاحدين ذلك الايمان ، مذبذبين بين ذلك ، لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء.
(أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) :
معللة للجملة الدالة على استحقاقهم الاستهزاء ، على سبيل الاستئناف. أو مقررة لقوله (يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ) على سبيل التوكيد.
وأصل الاشتراء ، بذل الثمن ، لتحصيل ما يطلب من الأعيان. فان كان أحد العوضين ، ناضّا ، تعين من حيث أنه لا يطلب لعينه ، أن يكون ثمنا. وبذله ، اشتراء.
وأخذه ، بيع. ولذلك عدت الكلمتان ، من الاضداد. والنض والناض الدنانير
__________________
(١) أ : به في.
(٢ و ٣) ليس في أ.