واستدل الذاهبون الى أنه كان في الأصل وصفا ، فغلب ، بأن ذاته ـ من حيث هو ـ بلا اعتبار أمر حقيقي أو غيره ، غير معقول للبشر. فلا يمكن أن يدل عليه بلفظ. وبأنه لو دل على مجرد ذاته المخصوصة ، لما أفاد ظاهر قوله تعالى : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ) (١) ، معنى صحيحا. وبأن معنى الاشتقاق هو كون أحد اللفظين مشاركا للاخر في المعنى والتركيب ، وهو حاصل بينه وبين بعض الألفاظ.
والجواب عن الأول : أنه يكفي في الوضع ملاحظة الذات المخصوصة بوجه ، أو هو معقول للبشر.
وعن الثاني : بأنا قد بينا أنه قد يطلق على مفهوم المعبود ، مجازا.
وعن الثالث : بأن اشتقاقه من لفظ آخر ، لا ينافي علميته لجواز اشتقاق لفظ من لفظ ، ثم وضعه لشيء مخصوص.
واشتقاقه من «أله» ، «آلهة» و «ألوهة» و «ألوهية» بمعنى «عبد» ومنه «تأله» و «استأله». فالاله : المعبود.
أو من أله ، إذا تحير ، إذ العقول تحير في معرفته.
أو من ألهت «فلانا» أي ، سكنت اليه. لأن القلوب تطمئن بذكره والأرواح تسكن الى معرفته.
أو من «أله» ، إذا فزع من أمر نزل عليه.
أو «إلهه» : أجاره ، إذ العابد يفزع اليه. أو هو يجيره حقيقة ، أو بزعمه ، إذا أطلق على غير (٢) الله ، كاطلاقهم الاله على الصبح.
أو من «أله» الفصيل ، إذا ولع بأمه ، إذ العباد يولعون بالتضرع اليه في الشدائد.
__________________
(١) الانعام / ٣.
(٢) ليس في أ.