فأجابهم إبراهيم عليه السّلام : كلا .. أنا لا أخاف كل أولئك ، لأن مشيئة الله هي الحاكمة عليها ، صحيح أن الطاغوت قد يؤذيني ، ولكن أذى الطاغوت انما هو ضمن دائرة ارادة الله واذنه ، فلو لم يرد شيئا لا يمكن ان يقع ، والله محيط علمه بالجبت والطاغوت ومن في فلكهما ، فهم أضعف من الله ، وأضاف إبراهيم قائلا : عودوا الى فطرتكم النقية وتذكروا ان الله أقوى من خلقه ، وأن علينا أن نخشاه ولا نخشى خلقه.
(قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ)
[٨١] للآلهة رموز وان ما يخافه البشر هو القوى الطبيعية أو الاجتماعية التي ترمز إليها الآلهة ، والخضوع لهذه الآلهة انما هو رمز الخضوع لتلك القوى ، ولا يمكن أن يتحرر البشر من هذا الخوف الا بخوف أقوى ، وهو الخوف من رب القوى الموجودة في الكون ، لذلك حذّر إبراهيم قومه من غضب الله ، وقال :
(وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً)
وربما يتصور البعض منا أن الله رحيم بعباده ، إذا لا خوف منه ، أما الطبيعة فهي؟؟؟ فعلينا الخضوع لها لنتجنب ضررها ، هذه الفكرة هي التي دفعت بعض الناس لعبادة الشيطان حيث قالوا : ان الله رحيم بنا لأن طبيعته الخير ، أما الشيطان فان طبيعته الشر فعلينا عبادته.
ولكن إبراهيم بيّن ان الله لا يرضى بطاعة أحد من دون أن يأذن هو بذلك ، ولن يأذن والا فهو ينزل غضبه ولعنته على البشر ، وانه لو أرادت الآلهة أو الذين يطاعون من دون الله الفتك بالناس والتجأ الناس الى الله ـ رب الآلهة والناس ـ لتخلصوا