المكان الموصوف ثم مضى إلى الإمام وكان الإمام قدر رأى في نومه أن بدويا أتاه يبشره أنه على سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما وصل إليه البدوي راه في يقظته كما راه في نومه فحدثه ما جرى عليه وبما سمع فحمد الله الإمام على ذلك وأمر للبدوي بنصف جراب تمر ونصف جراب حب وثوب فمضى البدوي شاكرا ولفضل الإمام ذاكرا.
ومن فضائله رحمه الله وغفر له أنه كان يعطي نفقته له ولعياله من بيت المال ولم تكن لهم قدر يطبخون فيها طعامهم فكانت زوجته تنقص من النفقة يسيرا يسيرا حتى باعته واشترت به صفرية ، فلما راها الإمام سألها من أين لك هذه الصفرية فأخبرته بما صنعت فقال لها استعميلها وهي لبيت المال وأمر وكيل الغالة أن ينقص من نفقتهم قدر ما كانت هي تنقصه والله أعلم.
وقيل أن القاضي محمد بن عمر دخل يوما على الإمام فراه متغير الوجه فسأله عن حاله فلم يخبره فألح عليه فأخبره أنه لم يكن له ما ينفقه على عياله لسنة العيد ، فذكر الشيخ محمد للوالي أن يدفع للإمام شيئا من الدراهم من بيت المال فقيل إنه دفع له عشرة محمديات والله أعلم ، ففضائله كثيرة لا تحصى رحمه الله وغفر له وجزاه عنا وعن الإسلام خيرا بما قدم فيه بحقه وعدله أفضل ما جزى إماما عن رعيته.
٣٦ ـ الإمام سلطان بن سيف :
ثم إن المسلمين لما مات الإمام ناصر بن مرشد بن مالك عقدوا لابن عمه الإمام سلطان بن سيف بن مالك رحمه الله وغفر له في اليوم الذي مات فيه الإمام ناصر بن مرشد رحمه الله. فقام بالعدل وشمر وجاهد في ذات الله وما قصر ونصب الحرب لمن بقى من النصارى بمسكد وسار عليهم بنفسه حتى نصره الله عليهم وفتحها له ولم يزل يجاهدهم أينما يجدهم في بر وبحر ،