محمد بن عيسى الأنصناوي (١) المعدل يقول : سألت أبا الحسن الدار قطني ، فقلت له : رأى الشيخ مثل نفسه؟ فقال لي : قال الله تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ)(٢) فقلت له : لم أرد هذا ، وإنما أردت أن أعلمه لأقول رأيت شيخا لم ير مثله. قال لي : إن كان في فن واحد ، فقد رأيت من هو أفضل مني ، وأما من اجتمع فيه ما اجتمع فيّ فلا.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ قراءة ـ نا عبد العزيز الكتّاني قال : كتب إليّ أبو ذرّ عبد بن أحمد الهروي ، وحدّثني عنه عبد الغفار بن عبد الواحد قال : قال لي رجاء بن عيسى الأنصناوي (٣) ـ مصري ـ قلت لأبي الحسن الدار قطني : رأيت مثل نفسك فقال : قال الله عزوجل : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ)(٤) ؛ فألححت عليه ، فقال : أما إذ ألححت فلم أر أحدا جمع ما جمعت.
قال أبو ذرّ : وكان يعلم جميع علوم الحديث ، والقراءات ، والعربية قال أبو ذرّ : قلت لابن البيّع : رأيت مثل الدار قطني؟ فقال : هو لم ير مثل نفسه ، فكيف رأيت أنا؟
أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ أبو بكر الخطيب (٥) ، حدّثني أبو الوليد سليمان بن خلف الأندلسي ، قال : سمعت أبا ذرّ الهروي يقول : سمعت الحاكم أبا عبد الله محمّد بن عبد الله وسئل عن الدار قطني؟ فقال : ما رأى مثل نفسه.
قال (٦) : وأنا البرقاني قال : كنت أسمع عبد الغني بن سعيد الحافظ ، كثيرا إذا حكى عن أبي الحسن الدار قطني شيئا يقول : قال أستاذي ، وسمعت أستاذي. فقلت له في ذلك ، فقال : وهل تعلمنا هذين الحرفين من العلم إلّا من أبي الحسن الدار قطني؟.
قال لنا البرقاني : وما رأيت بعد الدار قطني أحفظ من عبد الغني بن سعيد.
__________________
(١) هذه النسبة إلى أنصنا بالفتح ثم السكون وكسر الصاد المهملة والنون مقصور : مدينة من نواحي الصعيد على شرقي النيل (معجم البلدان).
(٢) سورة النجم ، الآية : ٣٢.
(٣) الأصل : «الأنصاري» تصحيف.
(٤) سورة النجم ، الآية : ٣٢.
(٥) الخبر رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٥.
(٦) المصدر السابق : ١٢ / ٣٦.