من هذا؟ فقال : ابن سعيد ، فخرجت وإذا بأبي العباس ، فوقعت في صدره أقبله ، وقلت : يا سيّدي لم تجشّمت المجيء؟ فقال : ما عرفناك إلّا بعد انصرافك ، وجعل يعتذر إليّ وقال لي : ما الذي أخّرك عن الحضور ، فذكرت له أنّي حممت ، فقال : تحضر المجلس لتقرأ ما أحببت فكتب بعد إذا حضرت أكرمني ورفعني في المجلس ـ أو كما قال ـ.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ قراءة ـ نا عبد العزيز الكتاني قال : كتب إليّ أبو ذرّ عبد بن أحمد الهروي من مكة : وحدّثني عبد الغفّار بن عبد الواحد عنه قال :سمعت بعضهم يقول : إنه قرأ كتاب «النسب» على مسلم العلوي ، فقال له ـ بعد القراءة ـ المعيطي الأديب : يا أبا الحسن أنت أجرأ من خاصي الأسد ، تقرأ مثل هذا الكتاب مع ما فيه من الشعر والأدب ، فلا يؤخذ عليك فيه لحنة وأنت رجل من أصحاب الحديث ، وتعجّب منه (١).
أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد : نا ـ أبو بكر الخطيب (٢) ، حدثني الأزهري أن أبا الحسن الدار قطني ، لما دخل مصر ، كان بها شيخ علوي من أهل مدينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقال له مسلم بن عبيد الله ، وكان عنده كتاب النسب عن الخضر بن داود عن الزبير بن بكار ، وكان مسلم أحد الموصوفين بالفصاحة ، المطبوعين على العربية ، فسأل الناس أبا الحسن أن يقرأ عليه كتاب «النسب» ، ورغبوا في سماعه بقراءته ، فأجابهم إلى ذلك ، واجتمع في المجلس من كان بمصر ، من أهل العلم ، والفضل (٣) فمرصوا على أن يحفظوا على الحسن لحنة ، أو يظفروا منه بسقطة ، فلم يقدروا على ذلك ، حتى جعل مسلم يعجب ويقول له : وعربية أيضا ، وعربية أيضا (٤).
قال (٥) : ونا محمد بن علي الصوري ، قال : سمعت أبا محمّد رجاء بن
__________________
(١) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٥٣ من طريق أبي ذر الهروي.
(٢) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٥.
(٣) في تاريخ بغداد : من أهل العلم والأدب والفضل.
(٤) «وعربية أيضا» ذكرت مرة واحدة في تاريخ بغداد.
(٥) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر رواه في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٥.