أنا علي بن المحسّن التّنوخي ، نا أبي ، حدّثني القاضي أبو بكر محمّد بن عبد الرّحمن المعروف بابن قريعة (١) ، وأبو محمّد عبد الله بن محمّد بن داسة البصري ، قالا : نا أبو سهل بن زياد القطان ـ صاحب علي بن عيسى ـ قال : كنت مع علي بن عيسى لما نفي إلى مكة ، فدخلنا في حر شديد وقد كدنا نتلف ، فطاف علي بن عيسى وسعى ، وجاء فألقى بنفسه وهو كالميت من الحرّ ، والتعب ، وقلق قلقا شديدا وقال : أشتهي على الله شربة ماء مثلوج ، فقلت له : سيدنا أيّده الله تعلم أن هذا ما لا يوجد بهذا المكان ، فقال : هو كما قلت ، ولكن نفسي ضاقت عن ستر (٢) هذا القول فاستروحت إلى المنى (٣) قال : وخرجت من عنده فرجعت إلى المسجد الحرام ، فما استقررت فيه حتى نشأت سحابة وكثفت ، فبرقت ورعدت رعدا متصلا كثيرا شديدا ، ثم جاءت بمطر يسير ، وبرد (٤) ، فبادرت إلى الغلمان ، فقلت : اجمعوا ، قال : فجمعنا منه شيئا عظيما ، وملأنا منه جرارا (٥) كثيرة ، وجمع أهل مكة منه شيئا عظيما ، قال : وكان علي بن عيسى صائما ، فلما كان وقت المغرب خرج إلى المسجد الحرام ليصلي المغرب ، فقلت له : أنت والله مقبل والنكبة زائلة ، وهذه علامات الإقبال فاشرب الثلج كما طلبت ، قال : وجئته إلى المسجد بأقداح مملوءة من أصناف الأسوقة والأشربة ، مكبوسة بالبرد قال : فأقبل يسقي ذلك من القرب منه من الصوفية ، والمجاورين في المسجد الحرام ، والصفا (٦) ويستزيد ونحن نأتيه بما عندنا من ذلك وأقول له : اشرب ، فيقول : حتى يشرب الناس ، فخبأت مقدار خمسة أرطال ، وقلت له : لم يبق شيء ، فقال : الحمد لله ، ليتني كنت تمنيت المغفرة بدلا من تمنّي الثلج ، فلعلي كنت أجاب ، فلما دخل البيت حلفت عليه أن يشرب منه ، وما زلت أداريه (٧) حتى شرب منه بقليل سويق وتقوّت ليلته بباقيه.
قرأت على (٨) ابن (٩) رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، أنا .... (١٠) إبراهيم علي بن سيبخت ، قال : قال لنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي :
__________________
(١) الحرف الأول لم يعجم بالأصل ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٢) تاريخ بغداد : عن غير هذا القول.
(٣) بالأصل : «المى» وفوقها ضبة ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٤) في تاريخ بغداد : وبرد كثير.
(٥) الأصل : جرار.
(٦) كذا رسمها بالأصل ، وفي تاريخ بغداد : والضعفاء.
(٧) تقرأ بالأصل : «أدان به» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٨) بياض بالأصل.
(٩) كذا بالأصل.
(١٠) بياض بالأصل.