فلي الفلا وجلا جنح الدجى وجلا |
|
من الرقيب وولى ممعنا هربا |
ظن الدجنّة تخفيه وكيف وقد |
|
وشى بمسراه نور مزق الحجبا |
كأنه بدر تم لاح في غسق وهنا |
|
فلما رأته الأعين احتجبا |
أفديه من زائر زور زيارته بيد |
|
والعيني وتخفى خيفة الرقبا |
أردى بصبري وأشجاني وأرقني |
|
لمامه وأراق الدمع فانسكبا |
وأودع الروع أحشائي وأذهب |
|
ما أبقى الفراق وما ردّ الذي ذهبا |
وكنت أحسبه وافى يبشرني |
|
فلمّ شمل شتيت طال ما انشعبا |
وإن قد قرب الترحال عن حلب |
|
والدار عما قليل تجمع الغربا |
فكان لمح سراب لاح بارقه |
|
فاشتداد بصر الطاهي به طلبا |
حتى إذا جاءه لم يلق موضعه |
|
ما يسكن من أحشائه لهبا |
فعاد بالياس والنفس النفيسة |
|
قد طارت شعاعا وانض جسمه تعبا |
كذاك حظي من الأحباب إن وصلوا |
|
صدوا وإن سئلوا ضنوا بما طلبا |
بحزون بالعرف نكرا من أجبهم (١) |
|
وبالقطيعة لا بالقرب من قربا |
وإن هم مرة سروا بوصلهم |
|
ضروا بهجرهم أضعافه حقبا |
كالدهر يرضى بما يولي وشيمته |
|
أن يسترد الذي أعطى كما وهبا |
وعاذل عادل عن مذهبي سفها |
|
يروم بالعدل تسهيل الذي صعبا |
يقول لي هو فيما قال متهم |
|
عندي ولو كان صدقا خلته كذبا |
الام يشتاق دارا بان ساكنها |
|
عنها ويندب ربعا دارسا خربا |
إذا رآه الخلي البال مرّ به |
|
بكى له رحمة بالدمع فانتحبا |
مستبدلا من ظباء الأنس وحش |
|
فلا وكم أوانس أنسنا بها عربا |
عينا تصيد أسود الغيل أعينها |
|
تلك الظباء اللواتي لحظهن ظبا |
فقلت والشوق يطويني وينشرني |
|
طي السجل إذا ما فض أو كتبا |
أجنح بسمعك نحوي واجتنب نفسي |
|
تسمع حديثا له في الخافقين نبا |
ما كنت أول مشتاق إلى وطن |
|
بكى وحن إلى أحبابه وصبا |
ولا لأول من لج الغرام به |
|
فباح لما شكى قلبه وصبا |
__________________
(١) كذا صدره بالأصل.